خيبر ومعه صلح الحديبية ، الذي قال فيه الزهري لا فتح في الإسلام كان أعظم من صلح الحديبية ...
هذا ، وقد بسط الإمام ابن كثير ما أصابه المسلمون بعد صلح الحديبية من خيرات فقال ما ملخصه : «ورجع الرسول صلىاللهعليهوسلم من الحديبية في ذي القعدة من السنة السادسة .. ثم خرج في المحرم من السنة السابعة إلى خيبر ، ففتحها الله ـ تعالى ـ عليه ...
فلما كان في ذي القعدة من السنة السابعة ، خرج إلى مكة معتمرا ، هو وأهل الحديبية ، فأحرم من ذي الحليفة ، وساق معه الهدى ... وسار إلى مكة بالسيوف مغمدة في قربها. فدخلها وبين يديه أصحابه يلبون ، وعبد الله بن رواحه آخذ بزمام ناقة الرسول صلىاللهعليهوسلم وينشد ويقول :
خلوا بنى الكفار عن سبيله |
|
إنى شهيد أنه رسوله |
وخرج المشركون من مكة لكي لا يروا الرسول صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، أما النساء والأطفال فقد جلسوا على الطرق ينظرون إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم وإلى المؤمنين ..
ومكث الرسول وأصحابه بمكة ثلاثة أيام اعتمر خلالها هو وأصحابه ، ثم عادوا إلى المدينة» (١).
وهكذا تحققت رؤيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الوقت الذي أراده ـ سبحانه ـ ثم بين ـ سبحانه ـ الحكمة من إرساله لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم فقال : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ ، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ..
أى : هو ـ عزوجل ـ وحده ، الذي أرسل رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم إرسالا ملتبسا بالهدى ، أى : بالدليل الواضح والبرهان الساطع الذي يهدى للطريق التي هي أقوم ..
وأرسله ـ أيضا ـ بالدين الحق وهو دين الإسلام ، الذي هو خاتم الأديان وأكملها ، (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) أى : من أجل أن يظهره ويعليه على جميع الأديان ، لما فيه من هدايات ، وعبادات ، وآداب ، وأحكام ، وتشريعات ، قد جمعت محاسن الأديان السابقة التي جاء بها الأنبياء ، وأضافت إليها جديدا اقتضته حكمة الله ـ تعالى ـ ورحمته بهذه الأمة التي أرسل رسوله محمدا إليها.
وقد بين ـ سبحانه ـ أن هذا الدين هو المقبول عنده دون سواه ، فقال (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ).
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٣٣٧.