ولقد ظهر هذا الدين فعم المشارق والمغارب ، وسيبقى ـ بإذن الله ـ ظاهرا على الأديان كلها بقوة حجته ، ونصاعة براهينه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
والباء في قوله : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) مزيدة لتأكيد هذا الإظهار.
أى : وكفى بشهادة الله ـ تعالى ـ شهادة على حقية هذا الدين ، وعلى هذا الإظهار الذي تكفل الله ـ تعالى ـ به لدين الإسلام.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بهذه الآية التي فيها ما فيها من الثناء على الرسول صلىاللهعليهوسلم وعلى أصحابه ، الذين رضى عنهم وأرضاهم فقال :
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٢٩)
وقوله ـ تعالى ـ : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) مبتدأ وخبر ، أو (مُحَمَّدٌ) خبر لمبتدأ محذوف ، و (رَسُولُ اللهِ) بدل أو عطف بيان من الاسم الشريف. أى : هذا الرسول الذي أرسله الله ـ تعالى ـ بالهدى ودين الحق ، هو محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَالَّذِينَ مَعَهُ) وهم أصحابه ـ وعلى رأسهم من شهد معه صلح الحديبية ، وبايعه تحت الشجرة ـ من صفاتهم أنهم (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) أى : غلاظ عليهم ، وأنهم (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ).
أى : أنهم مع إخوانهم المؤمنين يتوادون ويتعاطفون ويتعاونون على البر والتقوى ...
وقوله ـ تعالى ـ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) فيه أسمى التكريم للرسول صلىاللهعليهوسلم حيث شهد له ـ سبحانه ـ بهذه الصفة ، وكفى بشهادته ـ عزوجل ـ شهادة ، وحيث قدم الحديث عنه بأنه أرسله بالهدى ودين الحق ، ثم أخر اسمه الشريف على سبيل التنويه بفضله ، والتشويق إلى اسمه.