والنخل : اسم جنس يذكر ويؤنث ويجمع. وخص بالذكر مع أنه من جملة ما اشتملت عليه الجنات ، لمزيد فضله وكثرة منافعه.
وجملة (لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) في محل نصب على الحال من النخل.
والطلع : أول ما يخرج من ثمر النخل. ويسمى الكفرّى. يقال : طلع الطلع طلوعا. إذا كان في أول ظهوره.
والنضيد : بمعنى المنضود ، أى : المتراكب بعضه فوق بعض مأخوذ من نضد فلان المتاع ينضده ، إذا رتبه ترتيبا حسنا.
أى : وأنبتنا ـ أيضا ـ في الأرض بعد إنزالنا الماء عليها من السحاب ، النخل الطوال ، الزاخر بالثمار الكثيرة التي ترتب بعضها على بعض بطريقة جميلة ..
وقوله : (رِزْقاً لِلْعِبادِ) بيان للحكمة من إنزال المطر وإنبات الزرع ..
أى : أنبتنا ما أنبتنا من الجنات ومن النخل الباسقات .. ليكون ذلك رزقا نافعا للعباد ..
(وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) أى : وأحيينا بذلك الماء الذي أنزلناه بلدة كانت مجدبة ، وأرضا كانت خالية من النبات والزروع ، وتذكير (مَيْتاً) لكون البلدة بمعنى المكان.
وقوله : (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) جملة مستأنفة لبيان أن الخروج من القبور عند البعث ، مثله كمثل هذا الإحياء للأرض التي كانت جدباء ميتة ، بأن أنبتت من كل زوج بهيج بعد أن كانت خالية من ذلك.
فوجه الشبه بين إحياء الأرض بالنبات بعد جدبها ، وبين إحياء الإنسان بالبعث بعد موته ، استواء الجميع في أنه جاء بعد عدم.
قال ابن كثير : قوله : (وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ...) وهي الأرض التي كانت هامدة ، فلما نزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج. وذلك بعد أن كانت لا نبات فيها ، فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلاك ، كذلك يحيى الله الموتى ، وهذا المشاهد من عظيم قدرته بالحس ، أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث ..
كقوله ـ تعالى ـ : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ).
وقوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) وقوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى
__________________
(١) سورة الأحقاف الآية ٣٣.