(وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) أى : وجاء ربه يوم القيامة بقلب راجع إليه ، مخلص في طاعته ، مقبل على عبادته ..
هؤلاء الذين يفعلون ذلك في دنياهم ، يقال لهم يوم الحساب على سبيل التبشير والتكريم :
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ) أى ادخلوا الجنة التي وعدكم الله إياها بسلام وأمان واطمئنان.
(ذلِكَ) اليوم وهو يوم الثواب والعطاء الجزيل من الله ـ تعالى ـ (يَوْمُ الْخُلُودِ) الذي لا انتهاء له ، ولا موت بعده ..
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) أى : لهؤلاء المتقين ما يشاءون ويشتهون .. في الجنة.
(وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) أى : وعندنا ـ فضلا عن كل هذا النعيم الذي يرفلون فيه ـ المزيد منه ، مما لم يخطر لهم على بال ، ولم تره أعينهم قبل ذلك.
قال ابن كثير : وقوله : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) كقوله ـ تعالى ـ : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) ، وقد تقدم في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان ، أنها النظر إلى وجه الله الكريم (١).
ثم تحدثت السورة الكريمة في أواخرها عن مصارع المكذبين السابقين ، وعن مظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ وعن الدواء الذي يزيل عن القلوب همومها ، وعن أهوال يوم القيامة ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٣٨٤.