وقصة لوط ـ عليهالسلام ـ قد وردت في سور متعددة ، منها : سور الأعراف ، وهود ، والشعراء ، والنمل ، والعنكبوت ...
ولوط ـ عليهالسلام ـ هو ـ على الراجح ـ ابن أخى إبراهيم ـ عليهالسلام ـ ، وكان قد آمن به وهاجر معه إلى أرض الشام ، فبعثه الله ـ تعالى ـ إلى أهل سدوم. وهي قرية بوادي الأردن وكالوا يأتون الفواحش التي لم يسبقهم إليها أحد ..
وقوله ـ تعالى ـ (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ) أى : كذبوا بالإنذارات والتهديدات التي هددهم بها نبيهم لوط ، إذا لم يستجيبوا لإرشاداته وأمره ونهيه ....
فكانت نتيجة هذا التكذيب والفجور الذي انغمسوا فيه الهلاك والدمار كما قال ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً ...).
والحاصب : الريح التي تحصب ، أى : ترمى بالحصباء ، وهي الحجارة الصغيرة التي تهلك من نصيبه بأمر الله ـ تعالى ـ.
فقوله : (حاصِباً) صفة لموصوف محذوف وهو الريح ، وجيء به مذكرا لكون موصوفه وهو الريح في تأويل العذاب ، أى : إنا أرسلنا عليهم عذابا حاصبا أهلكهم ..
والاستثناء في قوله ـ سبحانه ـ : (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) استثناء متصل ، لأنهم من قومه. والسحر : هو الوقت الذي يختلط فيه سواد آخر الليل ، ببياض أول النهار وهو قبيل مطلع الفجر بقليل.
أى : إنا أرسلنا عليهم ريحا شديدة ترميهم بالحصباء فتهلكهم ، إلا آل لوط ، وهم من آمن به من قومه ، فقد نجيناهم من هذا العذاب المهلك في وقت السحر ، فالباء في قوله (بِسَحَرٍ) بمعنى «في» الظرفية. أو هي للملابسة ، أى : حال كونهم متلبسين بسحر.
وقوله ـ تعالى ـ (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا ...) علة الإيحاء ، والنعمة بمعنى الإنعام ، أى : أنجينا آل لوط من العذاب الذي نزل بقومه على سبيل الإنعام الصادر من عندنا عليهم لا من عند غيرنا.
وقوله ـ تعالى ـ : (كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) بيان لسبب هذا الإنعام والإيحاء ..
أى : مثل هذا الجزاء العظيم ، المتمثل في إيحائنا للمؤمنين من آل لوط وفي إنعامنا عليهم .. نجازي كل شاكر لنا ، ومستجيب لأمرنا ونهينا.
فالآية الكريمة بشارة للمؤمنين الشاكرين حتى يزدادوا من الطاعة لربهم ، وتعريض بسوء مصير الكافرين الذين لم يشكروا الله ـ تعالى ـ على نعمه.