إيجاده ، وتحذير الظالمين من العذاب الذي متى أراده الله ـ تعالى ـ فلن يدفعه عنهم دافع ، بل سيأتيهم كلمح البصر في السرعة.
والتعبير بقوله : (واحِدَةٌ) لإفادة أن كل ما يريد الله ـ تعالى ـ إيجاده فسيوجد في أسرع وقت ، وبكلمة واحدة لا بأكثر منها ، سواء أكان ذلك الموجود جليلا أم حقيرا ، صغيرا أم كبيرا ...
ثم بين ـ سبحانه ـ ما يدل على نفاذ هذه القدرة وسرعتها فقال : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
والأشياع : جمع شيعة ، وشيعة الرجل : أعوانه وأنصاره ، وكل جماعة من الناس اتفقت في رأيها فهم شيعة. قالوا : وهو مأخوذ من الشياع ، وهو الحطب الصغار الذي يوقد مع الكبار ، حتى تشتعل النار. والمراد به هنا : الأشباه والنظائر.
أى : والله لقد أهلكنا أشباهكم ونظائركم في الكفر من الأمم السابقة ، فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم ، واتعظوا بما نزل بهم من عقاب.
فالمقصود بالآية الكريمة التهديد والتحذير. والاستفهام فيها للحض على الاتعاظ والاعتبار.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن كل ما يعمله الإنسان. هو مسجل عليه ، فقال : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ). أى : وكل شيء فعله هؤلاء المشركون وغيرهم ، مكتوب ومحفوظ في كتب الحفظة ، ومسجل عليهم لدى الكرام الكاتبين ، بدون زيادة أو نقصان ..
كما قال ـ تعالى ـ بعد ذلك : (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) أى : وكل صغير من الأقوال أو الأفعال ، وكل كبير منهما ، فهو مكتوب عندنا ، ومسجل على صاحبه.
فقوله : (مُسْتَطَرٌ) بمعنى مسطور ومكتتب. يقال : سطر يسطر سطرا ، إذا كتب ، واستطر مثله ، والآية الكريمة مؤكدة لما قبلها.
ومن الآيات الكثيرة التي وردت في هذا المعنى قوله ـ تعالى ـ : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ، بتلك البشارة العظيمة للمتقين فقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ).
__________________
(١) سورة يونس الآية ٦١.