فهي تارة تكون مقطوعة ، لأنها لها أوقاتا معينة تظهر فيها ، وتارة تكون موجودة ولكن يصعب الحصول عليها ، لامتناع أصحابها عن إعطائها.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) أى : وفيها ـ أيضا ـ فرش منضدة ، قد ارتفعت عن الأرض ، ليتكئ عليها أهل الجنة وأزواجهم.
والضمير في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ...) عائد إلى غير مذكور ، إلا أنه يفهم من سياق الكلام. لأن الحديث عن الفرش المرفوعة يشير إلى من يجلس عليها ، وهم الرجال ونساؤهم ، أى : نساؤهم من أهل الدنيا أو الحور العين ، ويرى بعضهم أنه يعود إلى مذكور ، لأن المراد بالفرش النساء ، والعرب تسمى المرأة لباسا ، وإزارا ، وفراشا.
والإنشاء : الخلق والإيجاد. فيشمل إعادة ما كان موجودا ثم عدم ، كما يشمل الإيجاد على سبيل الابتداء.
أى : إنا أنشأنا هؤلاء النساء المطهرات من كل رجس حسى أو معنوي ، إنشاء جميلا ، يشرح الصدور.
(فَجَعَلْناهُنَ) بقدرتنا (أَبْكاراً) أى : فصيرناهن أبكارا ليكون ذلك أكثر تلذذا بهن.
قال الآلوسى : وفي الحديث الذي أخرجه الطبراني عن أبى سعيد مرفوعا إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم ، عدن أبكارا (١).
وقوله : (عُرُباً أَتْراباً) صفة أخرى من صفات هؤلاء النساء الفضليات الجميلات.
وقوله : (عُرُباً) جمع عروب ـ كرسل ورسول ـ من أعرب فلان في قوله إذا نطق بفصاحة وحسن بيان.
وأترابا : جمع ترب ـ بكسر التاء وسكون الراء ـ وترب الإنسان هو ما كان مساويا له في السن.
أى : إنا أنشأنا هؤلاء النساء على تلك الصورة الجميلة ، فجعلناهن أبكارا كما جعلناهن ـ أيضا ـ محببات إلى أزواجهن ، ومستويات في سن واحدة.
روى الترمذي عن الحسن قال : أتت عجوز فقالت يا رسول الله ادع الله ـ تعالى ـ أن يدخلني الجنة ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز ، فولت تبكى».
__________________
(١) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ١٤٢.