(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢٩)
أى : يا من آمنتم بالله ـ تعالى ـ حق الإيمان ، اتقوا الله في كل ما تأتون وما تذرون ، وداوموا على الإيمان برسوله صلىاللهعليهوسلم واثبتوا على ذلك.
(يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) أى : يعطكم بسبب ذلك نصيبين وضعفين من رحمته ـ سبحانه ـ وفضله.
وأصل الكفل ـ كما يقول القرطبي ـ كساء يكتفل به الراكب فيحفظه من السقوط .. أى يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي ، كما يحفظ الكفل الراكب من السقوط (١).
(وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) أى : ويجعل لكم بفضله نورا تمشون به يوم القيامة. كما قال ـ تعالى ـ : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ).
(وَيَغْفِرْ لَكُمْ) أى : ما فرط منكم من ذنوب ، بأن يزيلها عنكم.
(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أى : واسع المغفرة والرحمة لمن اتقاه وأطاعه.
فأنت ترى أن الله ـ تعالى ـ قد وعد المؤمنين على تقواهم وعلى إيمانهم برسوله ، أن يؤتيهم نصيبين من رحمته .. وأن يجعل لهم نورا يمشون به ، فيهديهم إلى ما يسعدهم في كل شئونهم ، وأن يغفر لهم ما سبق من ذنوبهم .. فضلا منه وكرما.
قالوا : وأعطى الله ـ تعالى ـ للمؤمنين نصيبين من الأجر ، لأن أولهما بسبب إيمانهم بالرسول صلىاللهعليهوسلم.
وثانيهما : بسبب إيمانهم بالرسل السابقين ، كما أعطى مؤمنى أهل الكتاب نصيبين من
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٢٦٦.