الأجر : أحدهما للإيمان بالرسول صلىاللهعليهوسلم والثاني للإيمان ـ بعيسى ـ عليهالسلام ـ الذي نسخت شريعته بالشريعة المحمدية.
وقوله ـ سبحانه ـ : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ ...)
رد على مزاعم أهل الكتاب أنهم شعب الله المختار ، وأنهم أفضل من الأمة الإسلامية.
قال الجمل ما ملخصه : لما سمع من لم يؤمن من أهل الكتاب قوله ـ تعالى ـ (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا ...) قالوا للمسلمين : أما من آمن منا بكتابكم فله أجره مرتين لإيمانه بكتابنا وكتباكم. ومن لم يؤمن منا بكتابكم فله أجر كأجركم ، فبأى شيء فضلتم علينا؟ فأنزل الله هذه الآية.
ولا زائدة ، واللام متعلقة بمحذوف ، هو معنى الجملة الطلبية المتضمنة لمعنى الشرط ، إذ التقدير : إن تتقوا وتؤمنوا برسوله ، يؤتكم الله من فضله كذا وكذا ـ وقد أعلمناكم بذلك ـ لكي يعلم أهل الكتاب عدم قدرتهم على شيء من فضل الله.
أى : أنهم لا ينالون شيئا مما ذكر من فضله .. كالكفلين من رحمته وكمغفرة الذنوب ـ لأنهم لم يؤمنوا برسوله صلىاللهعليهوسلم ولم يخلصوا العبادة له ـ عزوجل ـ .. (١).
وقوله ـ سبحانه ـ (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) مؤكد لما قبله ، ومقرر له.
أى : ليعلم أهل الكتاب عدم قدرتهم على الظفر بشيء من فضل الله إلا إذا آمنوا بالله ورسله .. وليعلموا ـ أيضا ـ أن الفضل والعطاء بيد الله ـ تعالى ـ وحده ، يمنحه لمن يشاء ويختار من عباده ، وهو ـ سبحانه ـ صاحب الفضل الواسع العظيم.
وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه يكون المقصود من الآيتين تحريض المؤمنين من هذه الأمة على الثبات على تقوى الله ـ تعالى ـ واتباع رسوله صلىاللهعليهوسلم في كل ما جاء به ، وتبشيرهم بالعطاء الجزيل إذا ما فعلوا ذلك.
والرد على المتفاخرين من أهل الكتاب ، الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأنهم ليس أحد أفضل منهم ، وأن الأجر ثابت لهم سواء آمنوا بالرسول صلىاللهعليهوسلم أم استمروا على كفرهم.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهاتين الآيتين : لما افتخر أهل الكتاب بأنهم يؤتون أجرهم
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٢٩٨.