فقد أخرج الشيخان عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه».
وعن ابن عمر ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى ان يقام الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه آخر ، «ولكن تفسحوا وتوسعوا» (١).
وعلى أية حال فإن الآية الكريمة ترشد المؤمنين في كل زمان ومكان ، إلى لون من مكارم الأخلاق ، ألا وهو التوسعة في المجالس ، وتقديم أهل العلم والفضل ، وإنزالهم منازلهم التي تليق بهم في المجالس.
كذلك أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة أنه يجوز القيام للقادم.
قال الإمام ابن كثير : وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء ـ على أقوال : فمنهم من رخص في ذلك محتجا بحديث : «قوموا إلى سيدكم».
ومنهم من منع من ذلك ، محتجا بحديث : «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما. فليتبوأ مقعده من النار».
ومنهم من فضل فقال : يجوز القيام للقادم من سفر ، وللحاكم في محل ولايته ، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ ، فإنه لما استقبله النبي صلىاللهعليهوسلم حاكما في بنى قريظة ، فرآه مقبلا قال للمسلمين : «قوموا إلى سيدكم» ، وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه ـ والله أعلم ـ.
فأما اتخاذه ـ أى القيام ـ دينا ، فإنه من شعار الأعاجم .. وفي الحديث المروي في السنن أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يجلس حيث انتهى به المجلس ، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس ، وكان الصحابة يجلسون منه على مراتبهم ، فالصديق عن يمينه ، وعمر عن يساره ، وبين يديه غالبا عثمان وعلى لأنهما كانا ممن يكتب الوحى ، وكان يأمرهما بذلك .. (٢).
كذلك أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة ، فضل العلماء وسمو منزلتهم.
قال صاحب الكشاف : عن عبد الله بن مسعود أنه كان إذا قرأ هذه الآية قال : يا أيها الناس افهموا هذه الآية ، ولترغبكم في العلم. وفي الحديث الشريف : «بين العالم والعابد مائة درجة» وفي حديث آخر : «فضل العالم على العابد ، كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم».
وعن بعض الحكماء أنه قال : ليت شعري أى شيء أدرك من فاته العلم ، وأى شيء فات من أدرك العلم.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٢٩٨.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٣٢٥.