وعليه يكون المعنى : لقد بينت لكم ـ أيها المؤمنون ـ حكم أموال بنى النضير ، وهي أنها لرسولنا صلىاللهعليهوسلم يضعها حيث يشاء.
أما ما أفاءه الله ـ تعالى ـ على رسوله صلىاللهعليهوسلم من أموال أهل القرى الأخرى ، كقريظة وفدك وغيرهما فحكم هذا الفيء أنه يقسم إلى خمسة أقسام :
قسم للرسول صلىاللهعليهوسلم ينفق منه على نفسه وأهله وما تبقى منه يكون في مصالح المسلمين.
وقسم لأقاربه صلىاللهعليهوسلم وهم : بنو هاشم وبنو المطلب ..
وقسم لليتامى : وهم أطفال المسلمين الذين مات آباؤهم عنهم قبل أن يبلغوا.
وقسم للمساكين : وهم الذين ليس لهم مال يكفيهم ضروريات الحياة.
وقسم لأبناء السبيل : وهم المسافرون المنقطعون عن مالهم في سفرهم ، ولو كانوا أغنياء في بلدهم ..
وقد رجح الإمام ابن جرير هذا الرأى ، فقال بعد استعراضه للأقوال : والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الآية حكمها غير حكم الآية التي قبلها وذلك أن الآية التي قبلها ، مال جعله الله ـ عزوجل ـ لرسوله صلىاللهعليهوسلم خاصة دون غيره. لم يجعل فيه لأحد نصيبا ..
فإذا كانت هذه الآية التي قبلها مضت ، وذكر المال الذي خص الله به رسوله صلىاللهعليهوسلم ولم يجعل لأحد منه شيئا ، وكانت هذه الآية خبرا عن المال الذي جعله الله لأصناف شتى ، كان معلوما بذلك أن المال الذي جعله لأصناف من خلقه. غير المال الذي جعله للنبي صلىاللهعليهوسلم (١).
وقال الآلوسى عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ...) بيان لحكم ما أفاءه الله على رسوله من قرى الكفار على العموم ، بعد بيان حكم ما أفاءه من بنى النضير ...
فالجملة جواب سؤال مقدر ناشئ مما فهم من الكلام السابق ، فكأن قائلا يقول : قد علمنا حكم ما أفاءه الله ـ تعالى ـ من بنى النضير ، فما حكم ما أفاء الله ـ عزوجل ـ من غيرهم؟ ...
فقيل : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى. ولذا لم يعطف على ما تقدم ، ولم يذكر في الآية قيد الإيجاف ولا عدمه ...
__________________
(١) راجع تفسير ابن جرير ج ٢٨ ص ٣٨.