وقد أعطى الرسول صلىاللهعليهوسلم المؤمنين مهور نسائهم ـ اللاحقات بالمشركين ـ من الغنيمة (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) أى : واتقوا الله ـ تعالى ـ أيها المؤمنون ـ في كل شئونكم ، ونفذوا ما أمركم به أو نهاكم عنه ، فإن الإيمان الحق به ـ عزوجل ـ يستلزم منكم ذلك.
فالمقصود بهذا التذييل ، الحض على الوفاء بما أمر الله ـ تعالى ـ به ، بدون تهاون أو تقاعس.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ حكم النساء المؤمنات المهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام ، أتبع ذلك بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بمبايعتهن وغيرهن على عدم الإشراك بالله تعالى ـ ، وعلى اجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فقال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٢)
فهذه الآية الكريمة ، اشتملت على أحكام متممة للأحكام المشتملة عليها الآيتان السابقتان عليها.
فكأن الله ـ تعالى ـ يقول : (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ـ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ ـ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ ، فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) .. وبايعهن أيها الرسول الكريم على إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ.
قال القرطبي ما ملخصه : وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت : كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمتحن بهذه الآية .. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أقررن بذلك من قولهن ، قال لهن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «انطلقن فقد بايعتكن».
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٥١٩.