ولفظ «أخرى» مبتدأ خبره دل عليه ما تقدم ، وقوله : (تُحِبُّونَها) صفة للمبتدأ.
أى : ولكم ـ فضلا عن كل ما تقدم ـ نعمة أخرى تحبونها وتتطلعون إليها.
وهذه النعمة هي : (نَصْرٌ) عظيم كائن (مِنَ اللهِ) ـ تعالى ـ لكم (وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) أى : عاجل (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أى : وبشر ـ أيها الرسول الكريم ـ المؤمنين بذلك ، حتى يزدادوا إيمانا على إيمانهم ، وحتى تزداد قلوبهم انشراحا وسرورا.
ويدخل في هذا النصر والفتح القريب دخولا أوليا : فتح مكة ، ودخول الناس في دين الله أفواجا.
وهذه الآية الكريمة من معجزات القرآن الكريم. الراجعة إلى الإخبار بالغيب ، حيث أخبر ـ سبحانه ـ بالنصر والفتح ، فتم ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم ولأصحابه ، في أكمل صورة ، وأقرب زمن.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بنداء ثالث وجهه إلى المؤمنين ، دعاهم فيه إلى التشبه بالصالحين الصادقين من عباده فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) (١٤)
والحواريون : جمع حوارى. وهم أنصار عيسى ـ عليهالسلام ـ الذين آمنوا به وصدقوه ، وأخلصوا له ولازموه ، وكانوا عونا له في الدعوة إلى الحق ، وكانوا اثنى عشر رجلا.
يقال : فلان حوارى فلان ، أى : هو من خاصة أصحابه ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم في الزبير بن العوام : «لكل نبي حوارى ، وحواريي الزبير».
وأصل الحور : شدة البياض والصفاء ، ومنه قولهم في خالص لباب الدقيق : الحوارى ، وفي النساء البيض الحسان : الحواريات والحوريات.