مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٨)
وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات متعددة ، فصلها الإمام ابن كثير ـ رحمهالله ـ فقال ما ملخصه :
وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبد الله بن أبى بن سلول وأتباعه ، فقد ذكر محمد بن إسحاق ، أنه لما قدم النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة بعد غزوة أحد ، قام عبد الله بن أبى ، والرسول صلىاللهعليهوسلم يخطب للجمعة ، فقال : أيها الناس ، هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكرمكم الله به .. فأخذ بعض المسلمين بثيابه من نواحيه وقالوا له : اجلس يا عدو الله ، لست لهذا المقام بأهل ، وقد صنعت ما صنعت ـ يعنون مرجعه بثلث الناس دون أن يشتركوا في غزوة أحد ـ.
فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأنما قلت بجرا ـ أى : أمرا منكرا ـ أن قمت أشدد أمره.
فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجد ، فقالوا له : ويلك ، مالك؟ .. ارجع للنبي يستغفر لك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : والله ما أبتغى أن يستغفر لي.
وفي رواية أنه قيل له : لو أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسألته أن يستغفر لك ، فجعل يلوى رأسه ويحركه استهزاء ...
ثم قال الإمام ابن كثير ـ رحمهالله ـ ما ملخصه : وذكر ابن إسحاق في حديثه عن غزوة بنى المصطلق ـ وكانت في شعبان من السنة الخامسة من الهجرة ـ أن غلاما لعمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ اسمه الجهجاه بن سعيد الغفاري تزاحم على ماء مع رجل من الأنصار اسمه سنان بن وبر ..
فقال سنان : يا معشر الأنصار ، وقال الجهجاه : يا معشر المهاجرين. فغضب عبد الله بن أبى ـ وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم ـ وقال : أو قد فعلوها؟!! قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا. والله ما مثلنا وجلابيب قريش ـ يعنى المهاجرين ـ إلا كما قال القائل : «سمن كلبك يأكلك» والله لئن رجعنا إلى المدينة ، ليخرجن الأعز منها الأذل.
فذهب زيد إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره الخبر ...