فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ، مر عباد بن بشر فليضرب عنق عبد الله بن أبى بن سلول.
فقال صلىاللهعليهوسلم : فكيف إذا الناس تحدث يا عمر ، أن محمدا يقتل أصحابه؟ لا ، ولكن ناد يا عمر في الناس بالرحيل.
فلما بلغ عبد الله بن أبى أن ذلك قد بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتاه فاعتذر إليه ، وحلف بالله ما قال الذي قاله عنه زيد بن أرقم ..
وراح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مهجرا في ساعة كان لا يروح فيها ، فلقيه أسيد بن الحضير ، فقال له : يا رسول الله ، لقد رحت في ساعة ما كنت تروح فيها.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبى؟ زعم أنه إذا قدم المدينة أنه سيخرج الأعزّ منها الأذلّ.
فقال أسيد : فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل ..
وإنما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في هذا الوقت الذي لم يتعود السفر فيه ، ليشغل الناس عن الحديث ، الذي كان من عبد الله بن أبى.
قال ابن إسحاق : ونزلت سورة المنافقين في ابن أبىّ وأتباعه ، فلما نزلت أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأذن زيد بن أرقم ثم قال : هذا الذي أوفى الله بأذنه.
وفي رواية أنه صلىاللهعليهوسلم بعث إلى زيد فقرأها عليه ثم قال : «إن الله قد صدقك» ثم قال ابن إسحاق : وبلغني أن عبد الله بن عبد الله بن أبى بلغه ما كان من أمر أبيه ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبى .. فإن كنت فاعلا ، فمرني به ، فأنا أحمل إليك رأسه ، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده منى ، وإنى أخشى أن تأمر غيرى بقتله ، فلا تدعني نفسي أن أرى قاتل أبى يمشى على الأرض فأقتله ، فأكون قد قتلت مؤمنا بكافر ، فأدخل النار.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «بل نترفق به ونحسن صحبته ، ما بقي معنا».
وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما : أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة ، وقف عبد الله بن عبد الله بن أبى على باب المدينة ، واستل سيفه ، فجعل الناس يمرون عليه ، فلما جاء أبوه قال له : وراءك فقال له أبوه : ويلك مالك؟ فقال : والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإنه العزيز وأنت الذليل.