بيان ، وتثبت أن هذا القرآن ، قد بلغه الرسول صلىاللهعليهوسلم عن جبريل ـ عليهالسلام ـ دون أن يزيد فيه شيئا ، أو ينقص منه شيئا ، وأنه ـ سبحانه ـ قد أعطى نبيه صلىاللهعليهوسلم من المعجزات ، ومن الخيرات والبركات .. ما لم يعط غيره.
وبعد هذا التصوير البديع لما كان عليه النبي صلىاللهعليهوسلم من حق واضح ، ومن تكريم عظيم ومن طاعة تامة لخالقه ـ عزوجل ـ بعد كل ذلك أخذت السورة الكريمة ، في تصوير ما عليه المشركون من باطل وجهل وفي تبكيتهم على عبادتهم لأصنام لا تسمع ولا تبصر ، ولا تملك الدفاع عن نفسها فضلا عن غيرها .. فقال ـ تعالى ـ :
(أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣) أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٢٨)
والهمزة في قوله : (أَفَرَأَيْتُمُ) للإنكار والتهكم ، والفاء لترتيب الرؤية على ما سبق ذكره من صفات جليلة لله ـ تعالى ـ تدل على وحدانيته ، وكمال قدرته ، ومن ثناء على النبي صلىاللهعليهوسلم وعلى جبريل ـ عليهالسلام ـ والرؤية هنا ، علمية ومفعولها الثاني محذوف ، لدلالة قوله ـ سبحانه ـ (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) عليه.