و «اللات» اسم لصنم كان لثقيف بالطائف. قال الشاعر :
وفرت ثقيف إلى «لاتها» |
|
بمنقلب الخائب الخاسر |
وكان هذا الصنم على هيئة صخرة مربعة ، قد بنوا عليه بناء ونقشوا عليه نقوشا ، وكانت قريش وجمهور العرب ، يعظمونه ويعبدونه ..
وكأنهم قد سموه بهذا الاسم ، على سبيل الاشتقاق من اسم الله ـ تعالى ـ فقالوا «اللات» قصدا للتأنيث ..
و (الْعُزَّى) : فعلى من العز. وهي اسم لصنم ، وقيل لشجرة حولها بناء وأستار ، وكانت بمكان يقال له نخلة ، بين مكة والطائف ، وكانت قريش تعظمها ، كما قال أبو سفيان يوم أحد «لنا العزى ولا عزى لكم».
فقال صلىاللهعليهوسلم قولوا له : «الله مولانا ولا مولى لكم».
ولعلهم قد سموها بذلك. أخذا من لفظ العزيز ، أو من لفظ العز ، فهي تأنيث الأعز ، كالفضلى والأفضل.
وأما «مناة» فكانت صخرة ضخمة ، بمكان يقال له المشلل ، بين مكة والمدينة ، وكانت قبيلة خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة.
قالوا : وسميت بهذا الاسم ، لأن دماء الذبائح كانت تمنى عندها ، أى : تراق وتسكب.
والمعنى : لقد ذكرنا لكم ـ أيها المشركون ـ ما يدل على وحدانيتنا ، وكمال قدرتنا. وسمو منزلة نبينا صلىاللهعليهوسلم .. فأخبرونى بعد ذلك ما شأن هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ، كاللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. إنها أشياء في غاية الحقارة والعجز ، فكيف سويتم بينها وبين الخالق ـ عزوجل ـ في العبادة ، وكيف أبحتم لأنفسكم تعظيمها ، وزعمتم أنها بنات الله ...؟.
فالمقصود بالاستفهام التعجيب من أحوالهم ، والتجهيل لعقولهم.
ويصح أن تكون الرؤية في قوله ـ سبحانه ـ (أَفَرَأَيْتُمُ) بصرية ، فلا تحتاج إلا لمفعول واحد. أى : انظروا بأعينكم إلى تلك الأصنام ، التي من أشهرها : اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ، أترونها تملك الدفاع عن نفسها فضلا عن غيرها؟ إنها لا تملك شيئا ، فكيف عظمتموها مع حقارتها وعجزها؟.
والاستفهام ـ أيضا ـ للتهكم بهم ، والتعجيب من تفكيرهم السقيم.
قال الآلوسى : والظاهر أن «الثالثة الأخرى» صفتان لمناة. وهما على ما قيل للتأكيد ...