ولأفكارهم ، وتهوين من شأنهم .. أى : ذلك الذي تراه منهم من التولي عن قرآننا ، ومن الحرص على عرض الحياة الدنيا ، منتهى علمهم ، ولا علم سواه ...
فاسم الإشارة «ذلك» يعود إلى المفهوم من الكلام السابق وهو توليهم عن القرآن الكريم ، وتكالبهم على الحياة الدنيا ..
وفي هذه الجملة المعترضة ما فيها من تحقير أمرهم ، ومن الازدراء بعلمهم الذي أدى بهم إلى إيثار الشر على الخير ، والعاجلة على الآجلة ...
وقوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ...) تعليل للأمر بالإعراض عنهم ، والإهمال لشأنهم ، وتسلية أخرى له صلىاللهعليهوسلم.
أى : امض ـ أيها الرسول الكريم ـ في طريقك ، وأعرض عن هؤلاء الجاحدين المعاندين ، الذين أصروا على عدم الاستجابة لك ، بعد أن سلكت معهم كل وسيلة تهديهم إلى الحق ... إن ربك ـ أيها الرسول الكريم ـ هو أعلم بمن أصر من الناس على الضلال ، وهو ـ سبحانه ـ أعلم بمن شأنه الاهتداء ، والاستجابة للحق ..
والمراد بالعلم هنا لازمه ، أى : ما يترتب عليه من ثواب وعقاب ، ثواب للمؤمنين ، وعقاب للكافرين.
وكرر ـ سبحانه ـ قوله (هُوَ أَعْلَمُ) لزيادة التقرير ، والمراد بمن ضل : من أصر على الضلال ، وبمن اهتدى : من عنده الاستعداد لقبول الحق والهداية.
وقدم ـ سبحانه ـ من ضل على من اهتدى هنا ، لأن الحديث السابق واللاحق معظمه عن المشركين ، الذين عبدوا من دون الله ـ تعالى ـ أصناما لا تضر ولا تنفع ..
وضمير الفصل في قوله ـ سبحانه ـ (هُوَ أَعْلَمُ) لتأكيد هذا العلم ، وقصره عليه ـ سبحانه ـ قصرا حقيقيا ، إذ هو ـ تعالى ـ الذي يعلم دخائل النفوس ، وغيره لا يعلم.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما يدل على شمول ملكه لكل شيء فقال : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ..). أى : ولله ـ تعالى ـ وحده جميع ما في السموات وما في الأرض خلقا ، وملكا ، وتصرفا ...
واللام في قوله : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا ، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) متعلقة بمحذوف يدل عليه الكلام السابق.
أى : فعل ما فعل ـ سبحانه ـ من خلقه للسموات والأرض وما فيهما ، ليجزي يوم