القيامة ، الذين أساءوا في أعمالهم بما يستحقونه من عقاب ، وليجزي الذين أحسنوا في أعمالهم بما يستحقونه من ثواب.
وقوله : (بِالْحُسْنَى) صفة لموصوف محذوف ، أى : بالمثوبة الحسنى التي هي الجنة.
وقوله : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ..) صفة لقوله : (الَّذِينَ أَحْسَنُوا) أو بدل منه.
والمراد بكبائر الإثم : الآثام الكبيرة ، والجرائم الشديدة ، التي يعظم العقاب عليها. كقتل النفس بغير حق ، وأكل أموال الناس بالباطل ..
والفواحش : جمع فاحشة ، وهي ما قبح من الأقوال والأفعال كالزنا ، وشرب الخمر ...
وعطفها على كبائر الإثم من باب عطف الخاص على العام ، لأنها أخص من الكبائر ، وأشد إثما.
واللمم : ما صغر من الذنوب ، وأصله : ما قل قدره من كل شيء : يقال : ألم فلان بالمكان ، إذا قل مكثه فيه. وألم بالطعام : إذا قل أكله منه .. وقيل : اللمم ، مقاربة الذنب دون الوقوع فيه ، من قولهم : ألم فلان بالشيء ، إذا قاربه ولم يخالطه ..
وجمهور العلماء على أن الاستثناء هنا منقطع ، وأن اللمم هو الذنوب الصغيرة ، كالنظرة الخائنة ولكن بدون مداومة ، والإكثار من الممازحة ..
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : «واللمم» : صغائر الذنوب ، ومحقرات الأعمال ، وهذا استثناء منقطع ..
قال الإمام أحمد : عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم ، مما قال أبو هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تتمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».
وعن مجاهد أنه قال في هذه الآية (إِلَّا اللَّمَمَ) الذي يلم بالذنب ثم يدعه ، كما قال الشاعر :
إن تغفر اللهم تغفر جما |
|
وأى عبد لك ما ألما (١) |
ومن العلماء من يرى أن الاستثناء هنا متصل ، وأن المراد باللمم ارتكاب شيء من الفواحش ، ثم التوبة منها توبة صادقة نصوحا ..
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٢٥٥.