الدين ، فهلا سأل العلماء عن صحف موسى وإبراهيم ـ عليهماالسلام ـ ففيها أنه لا تحمل نفس آثمة حمل أخرى يوم القيامة.
قال الآلوسى : وقوله : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أى : أنه لا تحمل نفس من شأنها الحمل ، حمل نفس أخرى .. ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره. ليتخلص الثاني من عقابه. ولا يقدح في ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» فإن ذلك وزر الإضلال الذي هو وزره لا وزر غيره (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ...) معطوف على ما قبله ، لبيان عدم إثابة الإنسان بعمل غيره ، إثر بيان عدم مؤاخذته بذنب سواه.
أى : كما أنه لا تحمل نفس آثمة حمل نفس أخرى ، فكذلك لا يحصل الإنسان إلا على نتيجة عمله الصالح ، لا على نتيجة عمل غيره.
فالمراد بالسعي في الآية. السعى الصالح ، والعمل الطيب ، لأنه قد جاء في مقابلة الحديث عن الأوزار والذنوب.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى. ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) بيان لثمرة هذا السعى الصالح يوم القيامة.
أى : ليس للإنسان إلا ثمرة عمله الصالح بدون زيادة أو نقص ، وهذا العمل الصالح سوف يراه مسجلا أمامه في صحف مكرمة ، وفي ميزان حسناته ، ثم يجازيه الله ـ تعالى ـ عليه الجزاء التام الكامل. الذي لا نقص فيه ولا بخس.
وفي رؤية الإنسان لعمله الصالح يوم القيامة ، تشريف وتكريم له ، كما قال ـ تعالى ـ (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ، بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، خالِدِينَ فِيها ، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٢).
هذا ، وقد توسع العلماء في الجمع بين قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) وبين النصوص التي تفيد أن الإنسان قد ينتفع بعمل غيره ، وهذه خلاصة لأقوالهم :
قال الإمام ابن كثير : ومن هذه الآية استنبط الشافعى ومن اتبعه ، أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى. لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ، ولهذا لم يندب إليه رسول الله
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ٦٦.
(٢) سورة الحديد آية ١٢.