بها». وأخرج البغوي في معجم الصحابة وابن عساكر في تاريخه عن ربيعة الجرشي قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أيّ القرآن أفضل؟ قال : «السورة التي يذكر فيها البقرة ، قيل فأيّ البقرة أفضل؟ قال : آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة نزلت من تحت العرش». وأخرج أبو عبيد وأحمد والبخاري في صحيحه تعليقا ومسلم والنسائي عن أسيد بن حضير قال : «بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكنت ، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت ، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت فانصرف إلى ابنه يحيى وكان قريبا منها فأشفق أن تصيبه ، فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء فإذا هو بمثل الظلة فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها ، فلما أصبح حدّث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتدري ما ذاك؟ قال : لا يا رسول الله ، قال : تلك الملائكة دنت لصوتك ، ولو قرأت لأصبحت تنظر إليها الناس لا تتوارى منهم» ولهذا الحديث ألفاظ. وأخرج الترمذي وحسّنه النسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصحّحه عن أبي هريرة قال : «بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثا فاستقرأ كل رجل منهم» يعني ما معه من القرآن «فأتى على رجل من أحدثهم سنا فقال : ما معك يا فلان؟ قال : معي كذا وكذا وسورة البقرة ، قال : أمعك سورة البقرة؟ قال : نعم ، قال : اذهب فأنت أميرهم». وأخرج البيهقي في الدلائل عن عثمان بن أبي العاص قال : «استعملني رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا أصغر القوم الذين وفدوا عليه من ثقيف ، وذلك أني كنت قرأت سورة البقرة». وأخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح ، عن الصلصال بن الدلهمس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا» قال : «ومن قرأ سورة البقرة في ليلة توّج بتاج في الجنة». وأخرج أبو عبيد عن عبّاد بن عبّاد عن جرير بن حازم ، عن عمه جرير بن يزيد ؛ أن أشياخ أهل المدينة حدثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «قيل له : ألم تر إلى ثابت بن قيس بن شمّاس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح ، قال : فلعلّه قرأ سورة البقرة ، قال : فسئل ثابت فقال : قرأت سورة البقرة». قال ابن كثير : وهذا إسناد جيد ، إلّا أن فيه إبهاما ثم هو مرسل.
وقد روى أئمة الحديث في فضائلها أحاديث كثيرة وآثارا عن الصحابة واسعة ، ومن فضائلها ما هو خاص بآية الكرسي ، وما هو خاص بخواتم هذه السورة ، وقد سبق بعض ذلك ، وما هو في فضلها وفضل آل عمران ، وقد سبق أيضا بعض من ذلك وما هو في فضل السبع الطوال ، كما أخرج أبو عبيد عن واثلة ابن الأسقع عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أعطيت السبع مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان الإنجيل ، وأعطيت المثاني مكان الزبور ، وفضلت بالمفصل» وفي إسناده سعيد بن بشير وفيه لين ، وقد رواه بسند آخر عن سعيد بن أبي هلال. وأخرج أيضا عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أخذ السبع فهو خير». وقد رواه عنها أحمد في المسند باللفظ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من أخذ السبع الأول من القرآن فهو خير». وأخرج أبو عبيد عن سعيد ابن جبير في قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) (١) قال : هي السبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس ، وبذلك قال مجاهد ومكحول وعطية بن قيس وأبو محمد القاري شدّاد ابن عبد الله ويحيى بن الحارث الذماري.
__________________
(١). الحجر : ٨٧.