عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ) (١). وقيل : المزين : هو الشيطان ، وبه قال الحسن ، حكاه عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه. وقرأ الضحاك (زُيِّنَ) على البناء للفاعل. وقرأه الجمهور على البناء للمفعول. والمراد بالناس : الجنس. والشهوات : جمع شهوة ؛ وهي : نزوع النفس إلى ما تريده. والمراد هنا المشتهيات ، عبر عنها بالشهوات مبالغة في كونها مرغوبا فيها ، أو تحقيرا لها لكونها مسترذلة عند العقلاء من صفات الطبائع البهيمية ، ووجه تزيين الله سبحانه لها ابتلاء عباده كما صرح به في الآية الأخرى. وقوله : (مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ) في محل الحال ، أي : زين للناس حب الشهوات حال كونها من النساء والبنين إلخ. وبدأ بالنساء لكثرة تشوق النفوس إليهنّ لأنهن حبائل الشيطان ، وخص البنين دون البنات لعدم الاطراد في محبتهن. والقناطير : جمع قنطار ، وهو : اسم للكثير من المال. قال الزجاج : القنطار مأخوذ من عقد الشيء وإحكامه : تقول العرب : قنطرت الشيء : إذا أحكمته ، ومنه سميت : القنطرة ، لإحكامها. وقد اختلف في تقديره على أقوال للسلف ، ستأتي إن شاء الله. واختلفوا في معنى : المقنطرة ، فقال ابن جرير الطبري : معناها المضعفة ، وقال القناطير : ثلاثة ، والمقنطرة تسعة. وقال الفراء : القناطير : جمع القنطار ، والمقنطرة : جمع الجمع ، فتكون تسع قناطير وقيل : المقنطرة : المضروبة ؛ وقيل : المكملة ، كما يقال : بدرة مبدرة ، وألوف مؤلفة ، وبه قال مكي وحكاه الهروي. وقال ابن كيسان : لا تكون المقنطرة أقلّ من سبع قناطير. وقوله : (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) بيان للقناطير ، أو حال (وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) قيل هي المرعية في المروج والمسارح ، يقال سامت الدابة والشاة : إذا سرحت ؛ وقيل هي المعدّة للجهاد وقيل : هي الحسان ؛ وقيل : المعلمة ، من السومة ، وهي : العلامة ، أي : التي يجعل عليها علامة لتتميز عن غيرها. وقال ابن فارس في المجمل : المسومة : المرسلة وعليها ركبانها. وقال ابن كيسان : البلق. والأنعام : هي الإبل والبقر والغنم ، فإذا قلت نعم فهي الإبل خاصة قاله الفراء وابن كيسان ، ومنه قول حسان :
وكانت لا يزال بها أنيس |
|
خلال مروجها نعم وشاء |
والحرث : اسم لكل ما يحرث ، وهو مصدر سمي به المحروث ، يقول : حرث الرجل حرثا : إذا أثار الأرض ، فيقع على الأرض والزرع. قال ابن الأعرابي الحرث : التفتيش. قوله : (ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي : ذلك المذكور ما يتمتع به ثم يذهب ولا يبقى ، وفيه تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة. والمآب : المرجع آب يؤوب إيابا : إذا رجع ، ومنه قول امرئ القيس :
وقد طوّفت في الآفاق حتّى |
|
رضيت من الغنيمة بالإياب |
قوله : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) أي : هل أخبركم بما هو خير لكم من تلك المستلذات ، وإبهام الخير للتفخيم ، ثم بينه بقوله : (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ) وعند : في محل نصب على الحال من جنات ، وهي مبتدأ ، وخبرها : للذين اتقوا ، ويجوز أن تتعلق اللام بخير. وجنات : خبر مبتدأ مقدّر ، أي : هو جنات ، وخص المتقين لأنهم المنتفعون بذلك. وقد تقدّم تفسير قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وما بعده. قوله :
__________________
(١). الكهف : ٧.