العيال الحرائر ذوات الحقوق الواجبة. وقد حكى ابن الأعرابي : أن العرب تقول : عال الرجل : إذا كثر عياله ، وكفى بهذا.
وقد ورد عال لمعان غير السبعة التي ذكرها ابن العربي ، منها : عال : اشتدّ وتفاقم ، حكاه الجوهري ، وعال الرجل في الأرض : إذا ضرب فيها ، حكاه الهروي ، وعال : إذا أعجز ، حكاه الأحمر ، فهذه ثلاثة معان غير السبعة ؛ والرابع : عال : كثر عياله ، فجملة معاني عال : أحد عشر معنى. قوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) الخطاب للأزواج ، وقيل : للأولياء. والصدقات : بضم الدال ، جمع صدقة ، كثمرة ، قال الأخفش : وبنو تميم يقولون : صدقة ، والجمع صدقات ، وإن شئت فتحت ، وإن شئت أسكنت. والنّحلة بكسر النون ؛ وضمها ؛ لغتان ، وأصلها : العطاء ، نحلت فلانا : أعطيته ، وعلى هذا فهي منصوبة على المصدرية ، لأن الإيتاء بمعنى الإعطاء ؛ وقيل : النحلة : التدين ، فمعنى : نحلة : تدينا ، قاله الزجاج ، وعلى هذا فهي منصوبة على المفعول له. وقال قتادة : النحلة : الفريضة ، وعلى هذا فهي منصوبة على الحال ؛ وقيل : النحلة : طيبة النفس ، قال أبو عبيد : ولا تكون النحلة إلّا عن طيبة نفس. ومعنى الآية ـ على كون الخطاب للأزواج ـ : أعطوا النساء اللاتي نكحتموهنّ مهورهنّ التي لهن عليكم عطية ، أو ديانة منكم ، أو فريضة عليكم ، أو طيبة من أنفسكم. ومعناها ـ على كون الخطاب للأولياء ـ : أعطوا النساء ـ من قراباتكم التي قبضتم مهورهنّ من أزواجهنّ ـ تلك المهور. وقد كان الولي يأخذ مهر قريبته في الجاهلية ولا يعطيها شيئا ، حكى ذلك عن أبي صالح والكلبي. والأوّل أولى ، لأن الضمائر من أوّل السياق للأزواج. وفي الآية دليل : على أن الصداق واجب على الأزواج للنساء ، وهو مجمع عليه كما قال القرطبي ، قال : وأجمع العلماء أنه لا حدّ لكثيرة ، واختلفوا في قليلة. وقرأ قتادة : «صدقاتهنّ» بضم الصاد وسكون الدال. وقرأ النخعي وابن وثاب : بضمهما. وقرأ الجمهور : بفتح الصاد وضم الدال. قوله : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) الضمير في : منه ، راجع إلى الصداق الذي هو واحد الصدقات ، أو إلى المذكور ، وهو الصدقات ، أو هو بمنزلة اسم الإشارة ، كأنه قال من ذلك. ونفسا : تمييز. وقال أصحاب سيبويه : منصوب بإضمار فعل ، لا تمييز ، أي : أعني نفسا. والأوّل أولى ، وبه قال الجمهور. والمعنى : فإن طبن ، أي : النساء لكم أيها الأزواج أو الأولياء عن شيء من المهر (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) وفي قوله : (طِبْنَ) دليل : على أن المعتبر في تحليل ذلك منهن لهم إنما هو طيبة النفس ، لا مجرد ما يصدر منها من الألفاظ التي لا يتحقق معها طيبة النفس ، فإذا ظهر منها ما يدل على عدم طيبة نفسها لم يحلّ للزوج ولا للوليّ ، وإن كانت قد تلفظت بالهبة أو النذر أو نحوهما. وما أقوى دلالة هذه الآية على عدم اعتبار ما يصدر من النساء من الألفاظ المفيدة للتمليك بمجردها ، لنقصان عقولهنّ ، وضعف إدراكهنّ ، وسرعة انخذاعهن ، وانجذابهنّ إلى ما يراد منهن بأيسر ترغيب أو ترهيب ، وقوله : (هَنِيئاً مَرِيئاً) منصوبان على أنهما صفتان لمصدر محذوف ، أي : أكلا هنيئا مريئا ، أو قائمان مقام المصدر ، أو على الحال ، يقال : هناه الطعام والشراب ، يهنئه ، ومرأه ، وأمرأه ، من الهنيء والمريء ، والفعل : هنأ ومرأ ، أي : أتى من غير مشقة ولا غيظ ؛ وقيل :