للتفصيل لا للشك. والقيلولة : هي نوم نصف النهار. وقيل : هي مجرد الاستراحة في ذلك الوقت لشدّة الحرّ من دون نوم ، وخص الوقتين لأنهما وقت السكون والدعة فمجيء العذاب فيهما أشدّ وأفظع. قوله : (فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا : إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) الدعوى : الدعاء ، أي : فما كان دعاؤهم ربهم عند نزول العذاب إلا اعترافهم بالظلم على أنفسهم ، ومثله : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) (١) أي : آخر دعائهم ؛ وقيل : الدعوى هنا بمعنى الادّعاء ، والمعنى : ما كان ما يدّعونه لدينهم وينتحلونه إلا اعترافهم ببطلانه وفساده ، واسم كان (إِلَّا أَنْ قالُوا) وخبرها (دَعْواهُمْ) ويجوز العكس ؛ والمعنى : ما كان دعواهم إلا قولهم : إنا كنا ظالمين. قوله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) هذا وعيد شديد ، والسؤال للقوم الذين أرسل الله إليهم الرسل من الأمم السالفة للتقريع والتوبيخ ، واللام لام القسم ، أي : لنسألنهم عما أجابوا به رسلهم عند دعوتهم ، والفاء : لترتيب الأحوال الأخروية على الأحوال الدنيوية (وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) أي : الأنبياء الذين بعثهم الله ، أي : نسألهم عما أجاب به أممهم عليهم ومن أطاع منهم ومن عصى ؛ وقيل : المعنى : فلنسألن الذين أرسل إليهم : يعني : الأنبياء ، ولنسألن المرسلين : يعني الملائكة ، ولا يعارض هذا قول الله سبحانه : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (٢) لما قدّمنا غير مرة أن الآخرة مواطن ، ففي موطن يسألون ، وفي موطن لا يسألون ، وهكذا سائر ما ورد مما ظاهره التعارض بأن أثبت تارة ونفى أخرى بالنسبة إلى يوم القيامة ، فإنه محمول على تعدّد المواقف مع طول ذلك اليوم طولا عظيما (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ) أي : على الرسل والمرسل إليهم ما وقع بينهم عند الدعوة منهم لهم بعلم لا بجهل ، أي : عالمين بما يسرون وما يعلنون (وَما كُنَّا غائِبِينَ) عنهم في حال من الأحوال حتى يخفى علينا شيء مما وقع بينهم.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، وابن النجار في تاريخه ، عن ابن عباس في قوله : (المص) قال : أنا الله أفصل. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس : أن هذا ونحوه من فواتح السور : قسم أقسم الله به ، وهي من أسماء الله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله : (المص) قال : هو المصوّر. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي في قوله : (المص) قال : الألف من الله ، والميم من الرحمن ، والصاد من الصمد. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : معناه أنا الله الصّادق. ولا يخفى عليك أن هذا كلّه قول بالظن وتفسير بالحدس ، ولا حجّة في شيء من ذلك ، والحق ما قدّمنا في فاتحة سورة البقرة. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) قال : الشك ، وقال لأعرابيّ : ما الحرج فيكم؟ قال : اللبس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد نحوه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : ضيق. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود : ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم ، ثم قرأ (فَما كانَ دَعْواهُمْ) الآية. وأخرجه ابن جرير عنه مرفوعا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) قال : نسأل الناس عما أجابوا المرسلين ونسأل المرسلين عما بلغوا فلنقصنّ
__________________
(١). يونس : ١٠.
(٢). القصص : ٧٨.