الآيات القرآنية بأنه لا يصاب أحد إلا بذنبه ، ولا يعذب إلا بجنايته ، فيمكن حمل ما في هذه الآية على العقوبات التي تكون بتسليط العباد بعضهم على بعض ، ويمكن أن تكون هذه الآية خاصة بالعقوبات العامة ، والله أعلم ، ويمكن أن يقال : إن الذين لم يظلموا قد تسببوا للعقوبة بأسباب ، كترك الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، فتكون الإصابة المتعدّية للظالم إلى غيره مختصة بمن ترك ما يجب عليه عند ظهور الظلم.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) قال : للحق. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية : قال : هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير في قوله : (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) أي : للحرب التي أعزّكم الله بها بعد الذلّ ، وقوّاكم بها بعد الضعف ، ومنعكم بها من العذاب بعد القهر منهم لكم. وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد بن المعلى قال : «كنت أصلّي في المسجد فدعاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم أجبه ، ثم أتيته فقلت : يا رسول الله! إني كنت أصلي ، فقال : ألم يقل الله تعالى استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم». الحديث ، وفيه دليل على ما ذكرنا من أن الآية تعمّ كل دعاء من الله أو من رسوله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) قال : يحول بين المؤمن وبين الكفر ومعاصي الله ، ويحول بين الكافر وبين الإيمان وطاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : علمه يحول بين المرء وقلبه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال : يحول بين المرء وقلبه حتى يتركه لا يعقل. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية قال : في القرب منه. وأخرج أحمد والبزار وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن مطرف قال : قلت للزبير : يا أبا عبد الله! ضيّعتم الخليفة حتى قتل ، ثم جئتم تطلبون بدمه. قال الزبير : إنا قرأنا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وعمر وعثمان (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) ولم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت فينا حيث وقعت. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : قرأ الزبير (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) قال : البلاء والأمر الذي هو كائن. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : نزلت في عليّ وعثمان وطلحة والزبير. وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال نزلت في أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم خاصة وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي قال : نزلت في أهل بدر خاصة ، فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا ، فكان من المقتولين طلحة والزبير ، وهما من أهل بدر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدّي في الآية قال : تصيب الظالم ، والصالح عامة. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد مثله. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال : هي مثل. (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) حتى يتركه لا يعقل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : أمر الله المؤمنين أن لا يقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمّهم الله بالعذاب وقد وردت الأحاديث الصحيحة الكثيرة بأن هذه الأمة إذا لم يأمروا بالمعروف ، وينهوا عن المنكر