وجَدَ ورأَى ، وأَكثبَ ونأَى ، ولم يَدْرِ أَخطأ أَم أَصابَ ، وجنَى الشَّهدَ أَمِ الصَّابَ؟ فهو حاطِبُ لَيلٍ ، وخاطِبُ وَيبٍ ووَيلٍ.
وإِنِّي لأَعجبُ من المَجد الفيروز آبادِيِّ ، وهو المُتَّسمُ بِالإِمامَةِ في مَعرفَة اللّسان الضّاديَّ ؛ إِذ صنَّفَ قاموسَه ، وشَنَّفَ قابوسَه ، وتَصدَّى للتَّنْبيه على أغلاط الجوهريِّ في صحاحه ، وخاض في غَمرِ التَّشنيع عليه وضَحضاحِه ، زاعِماً أَنَّهُ لم يَقصِد بذلك مِراءً ، ولا تَنديداً به وإِزراءً ، بل استيضاحاً للصَّواب ، واستِرباحاً للثَّواب ، وحَذَراً من أَن يُنمى إِليه التَّصحيفُ ، أَو يُعزَى إِليه الغلطُ والتَّحريفُ ، كيفَ خالفَ قولَه فعلُه ، وزلَّت بقدمِه نعلهُ؟! فوقع من الأَغلاط والأَوهامِ ، فيما تحارُ فيه ثَواقِبُ الأَفهامِ ، ومن التَّصحيف والتَّحريفِ ، والغلط في مسائِل النَّحو والتَّصريفِ ، فيما لا يكادُ يُقضَى منه العَجَبُ ، ولا تَنقَضي عن طَرفَيهِ جُمادَى ورَجَبُ ، كما ستقِفُ عليه في أَثناء الكتاب مُفصَّلاً ، وتجدُه في أَطوائِهِ إِن شاءَ الله تعالى مُحصَّلاً.
على أَنَّ ما تتبَّعَ به كلامَ الجوهريِّ وتَعَقَّبَ ، ونَقَّرَ عنه بزعمه ونَقَّبَ ، أَكثرُهُ مَسبوقٌ إِليه ، ومدخولٌ فيه عليه ، وكأَنَّهُ حين أَخذَ يَتَبَجَّحُ ، ويتَرَنَّحُ عُجباً ويتَرَجَّحُ ، قد تمسَّكَ من العِصمَةِ بسَبَب ، وأَمِنَ الهُوِيَّ من الخَطأ في صَبَب ، وما عَلِمَ أَنَّ للعُجب آفَةً ، والعاسفَ طريقَهُ لا يأمنُ المخَافَةَ.
ولعلَّ بعض من يصغي إِلى هذا المقال ، من مُتعصِّبٍ أَو حاسدٍ أَو قال ، يَنسبني فيه إِلى العَولِ ، ويَرميني بالهُجرِ من القَولِ ، ظنّاً منه أَنَّ القاموسَ بحرٌ لا تُخاضُ لُججُهُ ، ولا تقاضُ براهينُهُ وحججُهُ ، ومن يُعارض صاحبَ القاموس فإِنَّما يُقامِسُ حوتاً ، ويُحاوِلُ بُطلاً عن الحقِّ مَسحوتاً.
وهيهاتَ ، إِنَّ الكتابَ الذي لا ريْب فيه إِنَّما هو كتابُ الله الذي لا يضلُّ مُقتَفيهِ ،