قال الحاكم : وفي ذلك دلالة على كبرهما ؛ لأن الصغائر لا تحبط أجر الصدقة (١) ، ويلزم أن تحبط ثواب سائر الطاعات ؛ إذ لو بقي أجر سائر الطاعات ، وقع الأذى والمن مكفرا.
قوله تعالى
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) [البقرة : ٢٦٣]
قيل : أراد بقوله : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) أي : كلام حسن ، وردّ جميل.
خبر رواه الثعلبي مسندا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا سأل السائل فلا تقطعوا عليه مسألته ، حتى يفرغ منها ، ثم ردوا عليه بوقار ولين ، أو ببذل يسير ، أو رد جميل ، فإنه قد يأتيكم من ليس بإنسي ولا جان ، ينظر كيف صنعكم فيما خولكم الله تعالى).
وعن بشر بن الحارث ، قال : «رأيت علي بن أبي طالب عليهالسلام في المنام ، فقلت : يا أمير المؤمنين تقول شيئا لعل الله تعالى ينفع به؟ فقال لي : ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء ، رغبة في ثواب الله عزوجل ، وأحسن منه صبر الفقراء عن الأغنياء ، ثقة بالله تعالى».
وقيل : أراد بالقول المعروف عدة حسنة ، وقيل : دعاء صالح.
وقيل : قول في صلاح ذات البين ، عن الضحاك.
وقوله تعالى : (وَمَغْفِرَةٌ) قال ابن جرير : ستر الخلّة عن السائل.
وقال الحسن : العفو عن ظلمه ، وقيل : التجاوز عن السائل إن استطال عليه عند رده.
__________________
(١) ويمكن أن يقال : عدمها شرط في قبول الإنفاق ، وإذا بطل الشرط بطل المشروط ، فلا يلزم ما ذكر. والله أعلم. (ح / ص).