قال السيوطي : (وكتابه أجل التفاسير وأعظمها ، فان يتعرض لتوجيه الأقوال ، وترجيح بعضها على بعض. والإعراب والاستنباط ، فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين).
وقال النووي : أجمعت الأمة على أنه لم يصنف فى التفسير مثل تفسير الطبري.
ويقع تفسير ابن جرير فى ثلاثين جزءا من الحجم الكبير ، وقد كان هذا الكتاب من عهد قريب يكاد يعتبر مفقودا لا وجود له ثم قدر الله له الظهور والتداول ، فكانت مفاجأة سارة للأوساط الاسلامية والعلمية «أن وجدت فى حيازة أمير حائل : الأمير حمود ابن الأمير عبد الرشيد من أمراء نجد نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب.
طبع عليها التفسير فى مطبعة بولاق بالقاهرة ، فأصبحت فى يدنا دائرة معارف غنية فى التفسير المأثور» (٣١) قال ابن تيمية : «وأما التفاسير التي بأيدى الناس ، فأصحها تفسير محمد ابن جرير الطبري ، فانه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين ، كمقاتل بن بكير (٣٢) والكلبي (٣٣)».
وقد ظهر بعد ابن جرير عدة تفاسير بالمأثور منها تفسير أبى بكر بن المنذر النيشابوري المتوفى سنة ٣١٨ ه. وابن أبى حاتم المتوفى سنة ٣٢٧ ه ، وأبو الشيخ ابن حيان المتوفى سنة ٣٦٩ ه ، والحاكم المتوفى سنة ٤٠٥ ه ، وابن مردويه المتوفى سنة ٤١٠ وغيرهم.
التفسير النقلى والتفسير العقلي
كان جمهور الصحابة والتابعين وتابعيهم يتحرون التفسير بالمأثور ، بل كان منهم من يفضل المشي فى النار على القول فى القرآن بالرأى.
وكان ابن جرير يورد المأثور من الأقوال فى الآية ويرجح بعضها على بعض وغالبا ما يعتمد فى الترجيح على قوة السند. وقد أنكر بشدة على من فسر القرآن برأيه بدون اعتماد على شيء الا على مجرد اللغة (٣٤)
__________________
(٣١) المذاهب الاسلامية فى تفسير القرآن : ٨٦.
وقد طبع تفسير الطبري عدة طبعات بعد ذلك وآخرها طبعة بتحقيق وتخريج الأسانيد بعناية أحمد شاكر ومحمود شاكر ، وقد توقفت هذه الطبعة بعد الجزء السادس عشر.
(٣٢) هكذا بالأصل وصوابها بشير.
(٣٣) فتاوى ابن تيمية : ٢ / ١٩٢.
(٣٤) انظر تفسيره للآية (٤٩) من سورة يوسف : ١٢ / ١٣٨.