وكذا نص إمام الحرمين في " الإرشاد" خلافا للفارسي في شرح الشاطبية ، فإنه نص على المختص بالله هو مجموع (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ونحوه في أسئلة ابن السيد البطلوسي.
قلت : ونقل بعضهم عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السّلام ، أنه أجاب عن السؤال المتقدم بوجوه :
أحدها : الجواب المتقدم ، قال : أتى بالرحيم على سبيل التتمة وقد حصل الغرض بذكر الرحمن وفائدة تحقق دخول ما يتوهم من وجه.
الثاني : قراءات الفواصل عند من يرى أنها من الفاتحة.
الثالث : الرحمن يستلزم الرحيم لكنه ذكر ليدل عليه مطابقة.
قال : وأجاب ابن الربيع في" شرح الإيضاح" بأن الرحمن كثر استعماله حتى عومل معاملة العلم بخلاف الرحيم فإنه لم يخرج عن كونه وصفا.
قال أو يقول : إنها ليست للمبالغة.
قال الزمخشري : والعرب لا تزيد حرفا إلا لمعنى ممنوع ، وسند المنع قولهم [٢ و] في حذر وبطر (١) وأشر أنه أبلغ من حاذر وباطر وآشر.
قلت : وأجاب بعض النحاة المعاصرين بأن حذر ناب مناب محذور ، ومحذور أكثر حروفا من حاذر بخلاف حذر فإنه ينوب مناب شيء حسبما نص عليه ابن عصفور في مقربه في باب الأمثلة.
قلت : وأجاب ابن عرفة بأن ذلك فيما عدل فيه عن الأصل والقياس إلى غيره كحذر وحاذر ، فإن القياس في اسم الفاعل منه أن يكون على وزن فاعل فإما عدل عن ذلك لمعنى وغرض زائد وهو إرادة المبالغة ، وإما الذي لم تعدل فيه عن الأصل كرحمن ورحيم ، فنقول : الأكثر حروفا الأبلغ ، ولهذا قرر القاضي عماد كون رحمان أبلغ ، قال : رحمان ورحيم كلاهما معدولان ، وحذر معدول بخلاف حاذر فما عدل إلا للمبالغة.
__________________
(١) البطر محرّكة : النّشاط ، والأشر ، وقلّة احتمال النّعمة ، والدّهش ، والحيرة ، أو الطّغيان بالنّعمة ، وكراهية الشيء من غير أن يستحقّ الكراهة. القاموس المحيط مادة : (ب ط ر) ، لسان العرب (ب ط ر) ، مختار الصحاح (ب ط ر).