ابن عرفة : كان بعضهم يقول إنه تعليل للمجموع ، أو إرادة أن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت.
قال ابن عطية : قال بعض المكيين فرجل وامرأتان بهمز الألف ساكنة ، قال ابن جني : لا نظير لتسكين الهمزة ألفا ساكنة ، ثم أدخلوا الهمزة على الألف ساكنة ، وهذه قراءة ابن كثير ، (وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) ابن عرفة : وقع تسكين المتحركة في القرآن في ثلاثة مواضع :
أحدها : (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) قرأها أبو عمرو والبزي : بفتح الهمزة ، وروي عن قتيل : إسكان الهمزة إجراء ، للوصل مجرى الوقف.
والثاني : قوله تعالى : (ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قرأها نافع ، وأبو عمرو بالألف من غير همز ، وابن ذكوان : بهمزة ساكنة ، والباقون بهمزة مفتوحة.
والثالث : قوله تعالى : في فاطر : (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) وقرأ حمزة بسكون الهمزة إجراء للوصل مجرى الوقف ، والباقون بتحريكها ، قلت : وموضع رابع ، وهو قوله تعالى : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) روي فيه عن أبي عمرو الاختلاس ، وروي عنه الإسكان.
قال ابن عطية : وقرأ حمزة (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ) جعل أن شرطا ، والشرط وجوابه رفع ؛ لأنه صفته للمرأتين وارتفع تذكر ، كما ارتفع قوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [سورة المائدة : ٩٥] وهذا قول سيبويه وفيه نظر.
قوله تعالى : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا).
ابن عرفة : قالوا : أن المنهي تارة يكون للحاضر ، وتارة يكون للغائب ، فأما بالنسبة إلى القديم ، فلا فرق بينهما ، وأما في المحدثات فقد يكون النهي في الغيبة أقوى وأشد منه في الحضرة ؛ لأنك قد تنهي الشخص الحاضر من فعل شيء بين يديك ، وتكون بحيث لو سمعت عنه أن يفعل في غيبتك لا تزجره ولا تنهاه ، فهذا الأمر فيه أخف من شيء تزجره عن فعله في الغيبة والحضرة فإن النهي في هذا أشد ، ولا يؤخذ من الآية أن الأمر بالشيء ليس هو نهيا عن ضده ؛ لأن استشهد والبر للمتعاقدين ، ولا يأبى نفي الشاهدين.