قوله تعالى : (وَلا تَسْئَمُوا).
السآمة بمعنى الكسل ، وقدم الصغير خشية التهاون به والتفريط فيه ، كقول الزمخشري في قوله تعالى : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) [سورة الكهف : ٤٩] ، وقوله : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) [سورة النساء : ١١] ، وقوله : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [سورة النساء : ٩٢] مع أن العداوة تنفي أخذ الدية ، ويوجب التعارف بها فلذلك قدمت الدية ، والضمير في قوله : (تَكْتُبُوهُ) إما عائد على الحق ، أو على الدين ، أو على الكتب.
ابن عرفة : هذا دليل على أن الأمر المقدم للندب لا للوجوب ، والصواب أن المراد الإشهاد أقسط عند الله ، والكتب أقوم للشهادة فيكون لفا ونشرا أي : أعدل وأقرب لقيام الشهادة ، وأقسط قيل : من الرباعي ، وهو شذوذ.
وقال الزمخشري : من قاسط على النسبة أي ذو قسط أو جار عن مذهب سيبويه في ثباتها من أفعل ، أورده أبو حيان بأن سيبويه لم ينص على بناء أفعل التفضيل ، بل قال : فعل التعجب يبنى من فعل وفعل ، وأفعل ، قالوا : وأفعل التفضيل يبنى بما يبني منه فعل التعجب.
ابن عرفة : فظاهره لم يحك. [١٧/٧٨] بناء ، وهما من أفعل ، وقال ابن خروف رأيت في النسخ المشرقية ، أنه يبنى من فعل وفعل ، وأفعل رآه في النسخ الرباعية إلا أن بناءه من أفعل قليل ، وقد نص على صحة بناء التعجب من أفعل مبني منهما أيضا التفضيل ، وقول ابن عطية : انظر هل يكون من قسط بالضم غير صحيح ؛ لأنه لم يحك أحد فيه ، وقول الزمخشري : إنه يجوز على مذهب سيبويه صحيح على ما قاله ابن خروف ، ولا يحتاج إلى جعله على طريق النصب ، إلا لو لم يثبت فيه الرباعي.
قوله تعالى : (وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا).
ابن عرفة : إن أريد ضبط الرتبة مطلق الاحتمال ، وقد قدمنا فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه يشهد بها على القطع.
والثاني : أنه لا يشهد.
والثالث : أنه يشهد بها بالفهم على نحو ما تحملها.
ابن عرفة : وإن أريد بالريبة الشك فلا يكون فيه على ما شك.