على الشهادة والمعروف المنع ، وبعضهم أجاز إذا كان منقطعا عن أسبابه إليها ، وقيل : إن كان له من المعرفة ما يفتقر بها إليه في النظر في الوثيقة ليصححها فقهاء وكتابا باعتبار سلامتها من اللحن المحل فيجوز له أخذ الأجرة وإلا فلا ، وقال الحافظ أبو عمر ، وعثمان بن الصلاح في علوم الحديث ما نصه : من أخذ على التحدث أجرا ، فقال سحنون بن إبراهيم ، وأحمد بن حنبل ، وأبو حاتم الرازي في أن ذلك مانع من قبول رواجه فلا يؤخذ عنه ، وترخص أبو نعيم الفضل بن وكين ، وعلي بن عبد العزيز المالكي ، وآخرون ، فأجازوا أخذ العوض عن التحديث ، وشبهوه بأخذ الأجرة على إقرائهم القرآن على أن في هذا من حيث العرف حرما للمروءة ، والظن مسبوق عله إلا أن تقترن ذلك بما ينفيه كما كان أبو الحسن السعودي ، وأفتى به الشيخ أبو إسحاق الشيرازي : أن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله ، ذكره في النوع الثالث في إكمال عياض في كتاب في أحاديث للرقى ، أجاز مالك وأحمد بن حنبل ، والشافعي ، وأبو ثور ، وإسحاق أخذ الأجرة على الرقية ، والطب ، وعلى تعليم القرآن ، وأجازوا الأجرة على الرقية.
ابن عرفة : فحاصله أنه إن كان انقطاعه لذلك يشغله عن معاشه ، وكان فقيرا محتاجا لما يتعيش به ، ولم يكن عنده من المال ما يستغني به عن طلب المعاش ، فيجوز أخذ الأجرة وإلا فلا ، وحكى أبو العباس أحمد بن حلول عن والده : أن القاضي [١٧/٧٨ و] أبا محمد عبد الله اللخمي بعث له صهره سيدي بن علي بن قداح بزير لبن فشربه ، ثم سمع أنه من عند شاهد يأخذ الأجرة على الشهادة ، فتقيأ ، ثم لما صار هو شاهدا كان يأخذ في الشهادة قدر الدينار كل يوم ، وما ذلك إلا أنه يأخذ ذلك من وجهه ، والشاهد الأول لم يأخذ ذلك من وجهه.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ).
الفسق في اللغة : مطلق الخروج عن الحد ، وفي الشرع : هو تعدي الحدود الشرعية.
قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ).
قال ابن عرفة : هذا دليل على ثبوت اشتراط العلم في الكتب والشاهد.
قوله تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).