وهو قوله : (بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) فإن قلت : لم ذكر الرسول ومعلوم أنه آمن؟ فالجواب : أنه ذكر مع المؤمنين تشريفا لهم ، إذ لا ينظم الجوهر النفيس إلى مع نفيس [١٧/٧٩ و] مثله ، وكل لفظة تصلح للإحاطة والقرينة تبين ذلك.
قال ابن عرفة : ظاهره أنها ليست نصا في العموم خلافا للأصوليين ، فإنهم (١) [ذكروها] في ألفاظ العموم ، أو يقدم للنحويين التفريق بين رفعها ونصبها في قوله :
قد أصبحت أم الخيار تدعي |
|
علي ذنبا كله لم أصنع |
فقالوا : رفعها أعم ، قلت : إنما أراد ابن عطية قولهم : كل الصيد في جوف الفرا ورأيت رجلا كل الرجل ، وقولهم : أكل الشاة ، كل الشاة.
قوله تعالى : (وَمَلائِكَتِهِ).
ابن عرفة : لا بد في الإيمان بالملائكة من استحضار أنهم أجسام متحيزة متعلقة كبنى ، ولذلك قال أبو عمران الفارسي في المسألة المنقولة عنه في الكفار : أنهم ما عرفوا قط ، ولا آمنوا به خلافا للغزالي من أهل السنة ، فإنه قال في الملائكة : إنهم أجسام لطيفة لا متحيزة ، ولا قائمة بالتحيز ونحى في هذا منحى الفلاسفة.
قيل لابن عرفة : إن النفي توقف فيهم ، فقال : إنما توقف في إثبات الجوهر الفرد ، وهو شيء لا يتحيز ، ولا قائم بالتحيز ، ولم يتوقف في الملائكة.
قوله تعالى : (وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ).
قال الزمخشري : قرأ ابن عباس ، وكتابه يريد القرآن ، وعنه أكثر من الكتاب الكتب ، فإن قلت : كيف يكون الكتاب أكثر من الكتب ، قلت : لأنه أريد بالواحد الجنس ، والجنسية قائمة في وجدان الجنس لم يخرج منها شيء ، وأما الجمع فلا يدخل تحته المجموع والأشخاص ، بخلاف الجمع فإنه لا يتناول إلا المعرفات فقط.
قيل لابن عرفة : قد اختلفوا في المفرد المحلى بالألف ، قال : ما كلامنا إلا ما ثبت فيه العموم أعم من الجوهر الذي ثبت فيه العموم ، وكلام أبي حيان في هذا الموضع غير صحيح ، وكذلك كلام الطيبي ، وقد ذكر القرافي الخلاف في دلالة العام على إفراده أهي تضمن أو التزام ، ونص على أن المفرد الذي أريد به العموم دال على إفراده من باب دلالة اللفظ على تمام مسماه ؛ لأنه يدل على المسمى بعده ، وعلى هذا
__________________
(١) طمس في المخطوطة.