قال الزمخشري : وقرأ بعض بالنصب في جواب الشرط ، ورده أبو حيان : بأن النحويين نصوا على أن الفاء إنما تنصب في الأجوبة الثمانية ، ولم يعدوا منها الشرطية فجعله معطوفا في مصدر مقدر ، فيكون من عطف الفعل على الاسم الملفوظ به ، ونص الشلوبين على أن قول النحويين الأجوبة الثمانية على ظاهره بل مراده كل ما ليس واجبا ، أعني ما ليس بخبر فيدخل فيه الشرط ، وتحامل الزمخشري هنا وأساء الأدب على السوسي ، من طريق أبي فروة ، وخطأه كما خطأ البصري في تبصرته ، وكذا خطأ ابن عامر في قراءته ، وكذلك زين للمشركين قتل أولادهم شركائهم ، ولكن تخطئته هنا لأبي عمرو ، من طريق السوسي أمنع ، وقال ابن عطية هنا ، عن النقاش (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) أي لمن يفرغ (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أي من أقام عليه.
ابن عرفة : وهذا نحو مما قاله الزمخشري وفيه إيهام الاعتزال ، قلت : لأنه يريهم أن المعاصي لا تغفر إلا بالتوبة ، ومذهب أهل السنة أنه يجوز أن يغفر ، وإن لم يتب منها إلا الكفر.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ابن عرفة : لفظ شيء يطلق على المعدوم والموجود ، فأفاد أنه على كل شيء قدير ، مما هو في السموات والأرض ، ومما هو خارج عنها ، وفي مسألة الخلاء والملاء ، ويقول : تناوله الآية الأمر الحالي والماضي ، ونفي المستقبل غير داخل فيها ، فلذلك قال : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ليدخل المستقبل.
قوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ).
ذكر ابن عطية : سبب نزول الآية أنها لما نزلت : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) الآية ، شق ذلك على المؤمنين ، ثم قالوا : (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) قد حجم وأثنى عليهم ورفع عنهم المشقة لقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) قال ابن عرفة : وضم الإخبار عنهم في هذه الآية إلى هذا السبب يقتضي استلزام الإتقان للعمل الصالح ، قال : وفيها سؤال وهو أن الفاعل مخبر عنه بفعل؟ وتقرر أنه لا يجوز قام القائم ، ولا ضرب الضارب إذ لا فائدة فيه ، ولو قيل : آمن الرسول والصحابة لأفاد ، فكيف قال : آمن المؤمنون ، قال : والجواب أنه يفيد إذا قيل ، كقولك : قام في الدار القائم ، وهنا أفاد تقييده.