إلى امتثاله ، والآية حجة لمن يجيز التكليف بما لا يطاق ويبقى وقوعه إذ لا ينفي إلا ما هو ممكن الوقوع ، ومن قال بوقوع تكليف ما لا يطاق احتج بقضية أبي لهب فاستكلف أن يؤمن بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، وبجميع [١٧/٨٠] ما جاء به ، ومن جملته هذا ، وأجاب سراج الدين الآمدي : في شرح الحاصل بأنه مكلف بأن يؤمن بالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وبما جاء به إيمانا جمليا ، لا تفصيليا ، قال الفخر ، وابن التلمساني : ومن تكليف ما لا يطاق التكليف بما علم عدم وقوعه ، فقال ابن عرفة : هذا وهم وليس من ذلك تكليف ما لا يطاق بوجه ؛ لأنه ممكن في نفس الأمر فهو يطيق فعله كتكليف العصاة بالصلاة في الوقت فينقلونها بعد الوقت قضاء.
قيل لابن عرفة : ما فائدة الخلاف ما لا يطاق بالنسبة إلى القائم قد ذكروا في القائم إذا ضرب برجله إناء فكسره فإنه يضمنه ، وكذلك إذا ضرب أحدا فقتله فهل تضمينه من تكليف ما لا يطاق أم لا؟ والظاهر أنه من خطاب الوضع والإخبار.
قوله تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ).
ذكر ابن عطية : وجه المغايرة بين الفعلين ، وهما متقاربان فتقرير ما قال ابن عطية ، والزمخشري : إن المكلف بفعل الطاعة مستحضر للثواب عليها فيسهل عليها أمرها من غير تكليف طبيعي ، ولا وازع له عن عقابا ، وفاعل المعصية يستحضر العقوبة عليها في الدار الآخرة فشهوته تحمله عليها وتكلفه على فعلها ، وتوجب معاندته للوازع الديني وتقرير كلام الزمخشري كأنه على عكس هذا لكنه في الحقيقة راجع إلى هذا ، وهو أن الشيء مما تشتهيه النفوس وتأمر به فهي تحصيله أعمل وأقوى اجتهادا وجعلت له مكسبه ، ولما لم تكن كذلك في الخبر وصفنا بما لا دلالة فيه على الفعل والتكليف ، وقال ابن الصائغ في باب ما جاء به من المعدول على فعال لما كان الإنسان يثاب على قليل الخبر وكثيره استعمل فيه اللفظ العام للقليل ، والكثير وهو كسب ، ولما كانت الصغائر معفو عنها بفضل الله عزوجل جاء بلفظ الكثير إشعارا بأنها ليس عليها إلا ما فوق الصغائر ، قال هذا بعد أن ذكر إن كسب واكتسب إن اجتمعنا في كلام واحد كانت كسب عامة في الأمرين.
قال القرافي في قواعده أنها تدل على أن المصائب لا يثاب عليها ، لأنها ليس للمكلف فيها اعتداد ، قلت : وفي شرح أبيات الجمل لابن هشام اللخمي ، حكى ابن جني عن الزجاج أن يقال : خبريته في الخبر ، وجاذبيته في الشر فيستعمل فعل الزيادة