تارة يراد بها نفس اللفظ ، وتارة يراد مدلوله فمراد ابتغائه سبب الفتنة ، أو مدلول الفتنة فهو إنما اتبعوه ابتغاء أمر كان سببا للفتنة ؛ لأنهم قصدوا الفتنة.
قوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ).
ابن عرفة : كان بعضهم إنما ذكر الخلاف في الراسخين في العلم هل يعلم تأويله أم لا؟ القول هذا يتبعني على الخلاف هل بين العلم القديم والحادث اشتراك جاء القول بعدم العطف.
قوله تعالى : (آمَنَّا بِهِ).
أي يقولون في أنفسهم ؛ لأن من آمن بقلبه داخل في هذا.
قوله تعالى : (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا).
لفظ الرب هنا مناسب أي ورود المحكم فيه والمتشابه رحمة من الله بنا فنظر في الأدلة ، وننظر بعقولنا فنخرجه من ظاهره الحقيقي إلى مجازة دفعا للحكم الباطل فيحصل له الأجر والمثوبة بذلك عند الله عزوجل.
قوله تعالى : (لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا).
قرئ لا تَزغ بفتح التاء ، وقلوبُنا فاعل ، أبو حيان مثل هو مثل لا أرينك ههنا إنما يقوله المعتزلة القائلون أن العبد يخلق أفعاله ، فيقولون : كيف يطلب ترك ما ليس من فعله فيحتاجون أن يجعلوه ، مثل : لا أرينك هنا لاستحالة نهي الإنسان نفسه أي لا يخلق لها أسباب الزيغ فيتبع قال أبو حيان : وإذ هنا اسم وليست بظرف ؛ لأن الظرف لا يضاف ، فقال ابن عرفة : إن أراد أنها لا تعرب ظرفا فنعم ، وإن أراد أنها ليست بظرف لا في اللفظ ولا في المعنى فغير صحيح بل معناها الظرفية ، فإن قلت : لم أضيف الزيغ إلى القلوب والهداية لجميع الذات؟ فالجواب : أن الزيغ معنوي معلق بالذات ؛ لأنه الأصل فإذا زاغ القلب زاغ الجميع والهداية قصدوا أن يخبروا بحصولها لجميع ذواتهم وحواسهم ، وتقدم في الختمة الأخرى الجواب بوجهين :
الأول : إن الزيغ واقع بهم فأطلقوا أبعاده ونفيه عن العضو الأخص الذي هو سبب في عمومه في سائر البدن ، والهداية في جميع البدن ، فأخبروا بذلك رغبة في دوامها على ما هي عليه.