ابن عرفة : وكان الشيوخ مختلفون في ... (١) هل يشتركان في شيء أم لا؟ فمنهم من كان يمنع اشتراكهما مطلقا إذ لو اشتركا في أمر لجاز ارتفاعه ، وإذا جاز ارتفاعه جاز ارتفاعهما فيلزم عليه ارتفاع النقيضين ، وهذا باطل وكان ابن الحباب يجيز اشتراكهما بقولهم في حد [١٨/٨٨ و] التناقص ، أنه اختلاف قضيتين بالسلب والإيجاب فهما مشتركتان في مطلق الاختلاف.
ابن عرفة : من راعي الأمور الوجودية منع اشتراكهما ، ومن راعى الأمور الاعتبارية جواز اشتراكهما ، وكان بعضهم يستدل بهذه الآية مع قوله تعالى : في سورة الأعراف : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) [سورة الأعراف : ١٥٧] على جواز اشتراك النقيضين في أمر ما ، قال : لأن الإخبار عن عيسى عليه الصلاة والسّلام بآية علم الكتاب ، والحكمة ، والتوراة إخبارا بوصف كمال ، يدل على أن معرفة الكتابة في الشخص من صفات الكمال ، ووصف النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بكونه أميا لا يقرأ ولا يكتب كمال في حقه ، والكتابة نقيض لا كتابة فقد اشترك النقيضان في أن كلاهما وصف كمال.
قال ابن عرفة : والجواب أن يقول الممتنع اشتراك النقيضين في الوصف العقلي ، وهذا وصف جعلي شرعي ، فإنه يلزم من اشتراكهما الوصف العقلي.
قيل لابن عرفة : النقيضان مشتركان في أن كلاهما معنى ، أو كلاهما ذات فقال : تلك أمور اعتبارية لا وجودية.
قوله تعالى : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ).
قال تعالى : (فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ).
والنصارى من ذرية إسماعيل ، سموا نصارى ؛ لكونهم نصروا عيسى عليهالسلام ، يدخل فيهم بنوا إسرائيل ، وإسرائيل هو يعقوب عليه الصلاة والسّلام.
قوله تعالى : (قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
قال ابن عرفة : أعلن أن دعوى المدعي لا بد من اقترانها بالدليل الدال على صحتها ، هكذا اقتضى الشرع والعقل ، أما الشرع فلقوله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ، " لو أعطي الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم" ، وأما العقل فلأن
__________________
(١) كلمة غير واضحة بالمخطوطة.