للنص القرآنيّ مغايرة تدقّ أحيانا ، فتقتصر على استبدال حرف بحرف ، نحو : (فَقُلْ تَعالَوْا) ، ونصّها القرآنيّ : (فَقُلْ تَعالَوْا ..) .. وتعظم أحيانا حتى يستبدل الآية بأخرى تقاربها ، أو هي من متشابهاتها ؛ نحو : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ .....)
وقد وردت في الكتاب : (وأنزلنا اليك الكتاب تبيانا .....)
ومن ثمّ فإني أثبتّ أصل النصّ القرآني الكريم مقتصرا في الحاشية على التنوية إلى ما كان من النوع الثاني من المغايرة ، ولم أتعرض للأول نظرا لشيوعه وكثرته ، مكتفيا بتصحيحه.
ثم وقفت أمام شواهد المصنف ـ رحمهالله تعالى ـ من الآيات القرآنية الكريمة ، فألفيته أحيانا يستدل على استنباط حكم أو أصل شرعي أو إيماني من الآية ، ثم لا يورد مستنده من نصها ، مكتفيا بذكر طرف منها .. فتتبّعت هذه الشواهد ، وذكرت في الحاشية نصوص الاستدلال بها في سياق الآيات القرآنية الكريمة إتماما للفائدة.
فمن ذلك ـ مثلا ـ أنه استدلّ على أن منزلة الجدّ ، بمنزلة الأب من الآية : ١٣٣ من سورة البقرة. ونصّها : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً ...)
والشاهد في الآية قوله : (.. وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ ..) لأنّ إبراهيم جدّ يعقوب عليهمالسلام أجمعين.
والذي أورده المصنف منها : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) ، ولعلّ له عذره في هذا ، لأنّه يحفظ سياق الآية الكريمة بتمامه ؛ لكننا إذا اعتبرنا واقع المسلمين الفكري والثقافي .. نرى بين أظهرنا اليوم جيلا من المثقفين المسلمين لا يجيد قراءة القرآن بله أن يحفظ آياته. ومن ها هنا فإن ارادة عموم النفع ، وتوسيع مساحة الإفادة من كنوز هذا الكتاب ، هي التي ألجأتني إلى ما فعلت.
ثم كان مما حرصت أن تتميز به هذه الطبعة : محاولة توزيع فقرات الكتاب على نحو جديد يمكن الباحث من ابتغاء طلبته بيسر .. ثم أثبتّ أرقام الآيات القرآنية ، وتعمدت تمييز النص القرآني بحرف أسود بين أقواس قرآنية خاصة ، زيادة في إبرازه بعد مراجعة كافة النصوص القرآنية في المصحف الشريف. والتزمت رواية حفص بن سليمان الأسدي الكوفي لقراءة عاصم بن أبي النّجود الكوفي التابعي ، رحمة الله عليهما. إلّا ما التزم به المصنف ـ أحيانا ـ مما يخالف قراءة حفص ، فإني أثبتّ قراءة المصنف ، مشيرا في الحاشية إلى وجه الاختلاف وعزوه إلى أصحابه.