ثم ذكر إنكار اليهود لأمثال القرآن ، فقال : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) أى لا يترك ولا يمنعه الحياء أن يضرب مثلا أن يبين للحق مثلا (ما بَعُوضَةً) أى بعوضة (فَما فَوْقَها) فكيف ما فوقها ، يعنى الذباب والعنكبوت ، ويقال : ما دونها (١). (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد (صلىاللهعليهوسلم) والقرآن (فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُ) يعنى المثل الحق ، أى هو الحق (مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) بمحمد والقرآن (فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا) أى بهذا المثل ، (مَثَلاً) قل : يا محمد أراد الله بهذا المثل أن (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً) من اليهود (وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) من المؤمنين (وَما يُضِلُّ بِهِ) بالمثل (إِلَّا الْفاسِقِينَ (٢٦)) اليهود (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) فى هذا النبى (مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) تغليظه وتشديده وتأكيده (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ) الأرحام والإيمان (أَنْ يُوصَلَ) بمحمد (صلىاللهعليهوسلم) (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) بتعويق الناس عن محمد والقرآن (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧)) المغبونون بذهاب الدنيا والآخرة عنهم.
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) هذا على وجه التعجب (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) نطفا فى أصلاب آبائكم (فَأَحْياكُمْ) فى أرحام أمهاتكم ، (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انقطاع آجالكم ، (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) للبعث (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)) فى الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.
ثم ذكر منته عليهم ، فقال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ) سخر لكم ، (ما فِي الْأَرْضِ) من الدواب والنبات وغير ذلك (جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ)(٢) عمد إلى خلق السماء (فَسَوَّاهُنَ) فخلقهن (سَبْعَ سَماواتٍ) مستويات على الأرض (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)) من خلق السموات والأرض وغيرها.
ثم ذكر قصة الملائكة الذين أمروا بالسجود لآدم ، فقال : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) وقد
__________________
(١) انظر : تفسير ابن قتيبة (٤٣) ، الطبرى (١ / ١٣٥) ، ومعانى الزجاج (١ / ٦٨).
(٢) قال قتادة : استوى أى : علا عليها ، وسئل أحمد بن يحيى ثعلب عن الاستواء فى صفة الله تعالى ، فقال : الاستواء الإقبال على الشىء. وانظر : تفسير الطبرى (١ / ٤٥) ، ومختصر الطبرى للتجيبى (١ / ٤١) ، وغريب ابن قتيبة (٤٤) ، والنكت للماوردى (١ / ٨٤) ، وتفسير القرطبى (١ / ٢٥٤) ، وزاد المسير (١ / ٥٨).