وكانت الفتنة تقع بين أهل السنة والرافضة فيقتل كثير من الخلق من الفريقين نتيجة استعلان الرافضة بمذهبهم وسبهم للصحابة (١) ركونا إلى تأييد البويهيين لهم.
واستمر الشيعة في إظهار بدعتهم يوم العاشر من شهر الله المحرم كل سنة بالبكاء والنواح على الحسين بن علي (٢) رضي الله عنه ، وكانوا قبل [بني بويه] لا يجرؤون على ذلك.
وكان حكام بني بويه يظهرون المغالاة في التشيّع ، حتى إن منهم من كان يمشي حافيا قبل أن يصل إلى مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحو فرسخ ، وكذا يفعل عند مشهد الحسين بن علي (٣) رضي الله عنه ، وكان عامتهم يدفن بعد موته في مشهد علي بن أبي طالب (٤) رضي الله عنه ، وعلى الرغم من هذه الحالة السياسيّة المضطربة ، فقد شهد القرن الرابع الهجري نهضة علميّة وفكريّة كبيرة ، ساعد عليها تنافس الحكام في تقريب العلماء وأرباب الأدب والشعراء والمتكلمين ، وإجزال العطاء لهم ، وتشجيعهم على التأليف والتدريس (٥).
وبالتالي فإن الاضطرابات السياسيّة لم تؤثر على الحركة العلميّة في ذلك العصر ـ باستثناء اضطرار بعض العلماء والمفكرين إلى عدم الجهر برأيهم في بعض المذاهب ، التي يرون بطلانها بسبب اعتناق
__________________
(١) انظر : البداية والنهاية ، أحداث سنة ٣٤٨ ه ، وسنة ٣٥١ ه (١١ / ٢٤٨) (١١ / ٢٥٧).
(٢) انظر : البداية والنهاية (٦ / ٢٨٦).
(٣) وهو : جلال الدولة. انظر : الكامل (٨ / ٢٧).
(٤) انظر : البداية والنهاية (١١ / ٣٢٨).
(٥) انظر : تاريخ الأدب العباسي ، نيكلسون ، صفاء خلوصي ، ص (٣٧).