يوقدون ناره ، ويرفعون مناره ، وأعظمهم آفة فرقتان : فرقة تدب في ضرّاء وتسر حسوا في ارتغاء ، تظهر موالاة أمير المؤمنين وبها إضلال المؤمنين ، يتوصلون بمدحه وإظهار محبته إلى ذمّ الصحابة وأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم الذين رضي الله عنهم ...» (١).
وأمّا القول : بأن سبب التجاهل لترجمة الراغب يعود إلى تواضعه وعدم حديثه عن نفسه في ثنايا كتبه ، فإن كثيرا من علماء الإسلام على مرّ العصور قد اشتركوا مع الراغب في هذه الصفة ، ومع ذلك فقد حظوا بترجمة وافية لحياتهم الشخصيّة ، وهذا أمر لا يخفى.
على أن باحثا معاصرا هو الدكتور إحسان عباس كان له رأي آخر مفاده «أن الأمر ليس من قبيل التجاهل ، وإلا فكيف وصل ذكره إلى البيهقي؟ لا بد أن تكون هنالك مصادر سابقة للبيهقي قد عرّفت به ، ولكنها لم تصلنا ، ولعل لزومه لأصفهان وعدم مبارحتها ـ فيما أقدّر ـ قد جعله بعيدا عن (دائرة الضوء)» (٢).
وهذا رأي له وجاهته ، لكنه لا يغيّر شيئا من الحقيقة الماثلة أمام الباحث عن شخصية الراغب الأصفهاني.
ومع ذلك فإن الذي يظهر أن شحّ المعلومات المتعلقة بحياته يعود إلى سببين اثنين :
أوّلهما : أن عقيدته التي يؤمن بها تخالف عقيدة حكّام عصره ،
__________________
(١) انظر : رسالة في الاعتقاد ، للراغب ـ رسالة ماجستير ، بتحقيق : أختر لقمان ، ص (٤٣).
(٢) انظر : مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ، العددان ٢٣ ـ ٢٤ (ربيع الأول ـ رمضان ١٤٠٤ ه) في مقال بعنوان «تعليقان» ص (١٩٧).