عصره من بني بويه أو بعض علماء عصره وتلاميذهم ؛ فإن أجواء هذه الحملة تشي بموافقة السّلطة عليها وعدم الوقوف في وجهها ، بدليل أن الراغب يتهيّب ممن تزعّم هذه الحملة عليه ، رغم تصريحه بانتقاض الراغب ، والغض من قدره ، واستمراره على ذلك ، فترى الراغب عند ذكره يجلّه ويقدره ويدعو له ، فيقول : «ولكن طال تعجبّي من ذلك الشيخ الفاضل ، حرسه الله».
وأما السبب الثاني : الذي يفسر ندرة المعلومات عن حياة الراغب الشخصيّة : فهو أن الراغب لم يوفّق ـ فيما يبدو ـ إلى تلاميذ ينشرون علمه بين الناس ، ويكتبون عن شيخهم وحياته وسمته وأخلاقه ؛ بل إن كلّ مطالع لتراجم العلماء ، الذين خلّفوا عصر الراغب ، وعاشوا في أصفهان وما حولها ، لا يجد أيّ ذكر للراغب الأصفهاني في قائمة شيوخهم ؛ ولعل السبب في ذلك يعود إلى انصرافه للتأليف وانشغاله بالتصنيف في العلوم المختلفة وعدم اهتمامه الكافي بمجالس الدرس التي يتحلّق فيها التلاميذ ، ومن هنا فقد زادت مصنفاته على العشرين ، وتنوّعت فنونها ما بين اللغة والأدب والبلاغة ، والعقيدة ، والتفسير وعلوم القرآن ، والأخلاق والحكمة والسلوك ، وفي المقابل قلّ تلاميذه إلى درجة انعدام المبرزين منهم ، الذين يشتهر أمرهم ، ويشار إليهم بالبنان.
وبناء على ما سبق ، فإن البحث عن تاريخ محدد لمولد الراغب ، ومعلومات محددة عن نشأته لا يمكن أن يوصّل إلى نتيجة علميّة ترضي الباحث ، إلا أننا يمكن أن نتلمّس من خلال كتبه المختلفة