شيئا من الإشارات المعينة على معرفة شخصيته ، والتعرف على نشأته ، فمن ذلك :
أن الراغب نشأ في بيئة صالحة تجلّ العلم وتعلي من قدره ، وتتمسك بالأخلاق الرفيعة التي تنزع بالمسلم إلى معالي الأمور ، وتحقر عنده صغائرها (١) ؛ وأن هذه البيئة التي عاش فيها كانت منفتحة على العلوم المختلفة العقلية والنقلية (٢) وإن لم تسلم بيئته من شطحات المتصوّفة التي ظهرت على بعض مؤلفاته ، كما في «الذريعة إلى مكارم الشريعة» و «تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين» ، بل وفي تفسيره الذي بين أيدينا ، كما سيأتي.
وقد كان للثقافة الفارسيّة تأثير كبير على الراغب ، حتى إنه كان يترجم بعض عباراته في كتبه إلى الفارسيّة ، فمن ذلك قوله : «وشكر العبد لربّه هو معرفة نعمته وحفظ جوارحه بمنعها عن استعمال ما لا ينبغي ، ومعناه بالفارسيّة : أسبياس دارم خداي را ، أي أنا حارس له على جوارحي» (٣).
وقال في موضع آخر : «قيل الدرهم حاكم صامت ، وعدل ساكت ، وحكم من الله تعالى نافذ ؛ وقد قيل لهذا المعنى سمّي في لغة الفرس
__________________
(١) انظر على سبيل المثال : «الذريعة إلى مكارم الشريعة» الصفحات : (٦٩ ، ٨٣ ، ٨٦ ، ٩٢ ، ٩٦ ، ٩٩ ، ١٠١ ، ١١١ ، ١١٩ ، ١٥٣ ، ١٥٧ ، ١٦١ ، ٢٣١ ، ٣٢١ ، ٣٢٧ ، ٤١٤).
(٢) انظر على سبيل المثال : «الذريعة إلى مكارم الشريعة» الصفحات : (١٦٧ ، ١٦٩ ، ١٧٧ ، ١٨٣ ، ٢٠٨ ، ٢٣٢ ، ٢٣٦ ، ٢٤٧ ، ٢٥٧).
(٣) انظر : الذريعة إلى مكارم الشريعة ، ص (٢٧٩).