بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥٥) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (١٥٩) فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦١) لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (١٦٢) إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (١٦٣) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً (١٦٤) رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٦٥) لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (١٦٦) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٦٩) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠))
(فَبِما نَقْضِهِمْ) أي : فبنقضهم وما مزيدة للتوكيد ، والباء للسببية متعلقة بمحذوف أي : لعناهم بسبب نقضهم (مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ) أي : القرآن أو بما في كتابهم (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) فإنهم معصومون من كل نقيصة ومبرؤون من كل ريبة لا يتوجه عليهم حق (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ) أي : أوعية للعلوم أو في أكنة مما تدعونا إليه فلا نعي كلامك (بَلْ طَبَعَ اللهُ) أي : ختم (عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) فلا تعي وعظا (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه أو إيمانا قليلا لا عبرة به بأن يؤمنوا وقتا يسيرا كوجه النهار ويكفروا في غيره ، ويؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض ، وقوله تعالى :
(وَبِكُفْرِهِمْ) معطوف على (فَبِما نَقْضِهِمْ) ويجوز عطفه على (بكفرهم) وقد تكرر منهم الكفر ؛ لأنهم كفروا بموسى ، ثم بعيسى ، ثم بمحمد صلىاللهعليهوسلم فعطف بعض كفرهم على بعض وكرر الباء للفصل بينه وبين ما عطف عليه (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ) أي : بعد ما ظهر على يديها من الكرامات الدالة على براءتها وإنها ملازمة للعبادة بأنواع الطاعات (بُهْتاناً عَظِيماً) وهو نسبتها إلى الزنا.
فإن قيل : كان مقتضى الظاهر أن يقول : في مريم. أجيب : بأنه ضمن القول معنى الافتراء وهو يتعدّى بعلى.
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ) أي : بمجموع ذلك عذبناهم.
فإن قيل : كانوا كافرين بعيسى أعداء له عامدين لقتله يسمونه الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة فكيف قالوا : إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله؟ أجيب : بأنهم قالوه بزعم عيسى عندهم أو إنهم قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون : (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) [الشعراء ، ٢٧] قال الزمخشري : ويجوز أن يضع الله الذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح في الحكاية