قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥) وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ (٥٩) إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠) وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦١))
(لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ) أي : العنت ونصب الغوائل والسعي في تشتيت شملك وتفريق أصحابك عنك كما فعل عبد الله بن أبيّ يوم أحد وحنين انصرف بمن معه وعن ابن جريج وقفوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم على الثنية ليلة العقبة وهم اثنا عشر رجلا ليفتكوا به. (مِنْ قَبْلُ) أي : قبل غزوة تبوك (وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ) أي : ودبروا لك الحيل والمكايد ودوروا الآراء في إبطال أمرك (حَتَّى جاءَ الْحَقُ) وهو تأييدك ونصرك (وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ) أي : غلب دينه وعلا شرعه (وَهُمْ كارِهُونَ) له أي : على رغم منهم فدخلوا فيه ظاهرا ، ولما تجهز رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى غزوة تبوك قال للجد بن قيس وكان من المنافقين : «يا أبا وهب هل لك في جلاد بني الأصفر يعني : الروم نتخذ منهم سراري ووصفاء» فقال الجدّ بن قيس : يا رسول الله لقد علم قومي أني مغرم بالنساء وإني أخشى إن رأيت بنات بني الأصفر أن لا أصبر عنهن ائذن لي بالقعود ولا تفتني وأعينك بمالي ، قال ابن عباس : اعتل الجد بن قيس ولم تكن له علة إلا النفاق فأعرض عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى فيه :
(وَمِنْهُمْ) أي : المنافقين (مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) أي : في القعود في المدينة (وَلا تَفْتِنِّي) أي : ببنات بني الأصفر وقيل : لا توقعني في الفتنة وهي الإثم بأن لا تأذن لي فإنك إن منعتني من القعود وقعدت بغير إذنك وقعت في الإثم وقيل : لا تلقني في الهلاك فإن الزمان زمان شدّة الحر ولا طاقة لي بها وقيل : لا تفتني بسبب ضياع المال والعيال ؛ إذ لا كافل لهم بعدي قال الله تعالى : (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) أي : إن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلف وظهور النفاق لا ما أخبروا عنه (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) أي : جامعة لهم لا محيص لهم عنها يوم القيامة أو هي محيطة بهم الآن لأنّ أسباب الإحاطة معهم فكأنهم في وسطها.
(إِنْ تُصِبْكَ) يا محمد في بعض الغزوات (حَسَنَةٌ) أي : نصرة وغنيمة (تَسُؤْهُمْ) أي : تحزنهم لما في قلوبهم من الضعف والمرض (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ) أي : نكبة وإن صغرت في بعض الغزوات كما وقع يوم أحد (يَقُولُوا) أي : سرورا وتبجحا بحسن رأيهم (قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا) أي : بالجد والحزم في القعود عن الغزو (مِنْ قَبْلُ) أي : قبل هذه المصيبة (وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) أي : مسرورون بما نالك من المصيبة وسلامتهم منها قال الله تعالى :
(قُلْ) يا محمد لهؤلاء الذين يفرحون بما يصيبك من المصائب والمكروه (لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ) أي : قدره (لَنا) في اللوح المحفوظ لأنّ القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة من