قال : وكأنه عدّ اليد مع العصا آية ، ولم تفرد اليد لأنه ليس فيها ضرر عليهم اه. وقال البيضاويّ : هي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم وانفجار الماء من الحجر وانفلاق البحر ونتق الطور على بني إسرائيل وذكر محمد بن كعب القرظي الطمس والبحر بدل السنين ونقص من الثمرات. وقال : كان الرجل منهم مع أهله في فراشه وقد صارا حجرين والمرأة منهم قائمة تخبز وقد صارت حجرا. وقال بعضهم : هي آيات الكتاب وهي أحكام يدل عليها. ما روي عن صفوان «أن يهوديا قال لصاحبه : تعال نسأل هذا النبيّ فقال الآخر : لا تقل نبيّ ، فإنه لو سمع صارت له أربعة أعين فأتياه فسألاه عن هذه الآية : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) فقال لا تشركوا بالله شيئا ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا تزنوا ولا تأكلوا الربا ولا تسحروا ولا تمشوا بالبريء إلى سلطان ليقتله ولا تسرفوا ولا تقذفوا المحصنة ولا تفروا من الزحف وعليكم خاصة اليهود أن لا تعدوا في السبت فقبلوا يده ، وقالوا : نشهد أنك نبيّ. قال : فما منعكم أن تتبعوني؟ قالوا : إن داود دعا ربه أن لا يزال في ذريته نبيّ وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود» (١).
وقال الرازيّ : علم أنه تعالى ذكر في القرآن أشياء كثيرة من معجزات موسى عليهالسلام ، أحدها : أنه تعالى أزال العقدة من لسانه ، قيل في التفسير ذهب أعجم وجاء فصيحا. ثانيها : انقلاب العصا حية. ثالثها : تلقف الحية حبالهم وعصيهم مع كثرتها. رابعها : اليد البيضاء. وخمسة أخرى وهي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعاشر شق البحر وهو قوله تعالى : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) [البقرة ، ٥٠] والحادي عشر الحجر ، وهو قوله تعالى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) [الأعراف ، ١٦٠] والثاني عشر : إظلال الجبل ، وهو قوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) [الأعراف ، ١٧١] والثالث عشر : إنزال المنّ والسلوى عليه وعلى قومه. والرابع عشر والخامس عشر : قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ) [الأعراف ، ١٣٠] والسادس عشر : الطمس على أموالهم حجارة من النخل والدقيق والأطعمة والدراهم والدنانير. روي أنّ عمر بن عبد العزيز سأل محمد بن كعب عن قوله تعالى : (تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) فذكر محمد بن كعب في جملة التسع حل عقدة اللسان والطمس. فقال عمر بن عبد العزيز : هكذا يجب أن يكون الفقيه ثم قال : يا غلام أخرج ذلك الجراب فأخرجه فنفضه فإذا بيض مكسور نصفين وجوز مكسور وفوم وعدس وحمص كلها حجارة ، وقوله تعالى : (فَسْئَلْ ،) أي : يا أعظم خلقنا (بَنِي إِسْرائِيلَ) يجوز أن يكون الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم والمراد غيره. وقرأ ابن كثير والكسائيّ بفتح السين ولا همزة بعدها ، والباقون بسكون السين وهمزة مفتوحة بعدها ويجوز أن يكون الخطاب له خاصة وأمره بالسؤال لهم ليتبين له كذبهم مع قومهم ، أي : فاسأل بني إسرائيل عامّة الذين نبهوا قريشا على السؤال عن الروح كما في بعض الروايات ، وعن أهل الكهف وذي القرنين وعن حديث موسى عليهالسلام والمؤمنين منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه (إِذْ ،) أي : عن ذلك حين (جاءَهُمْ ،) أي : جاء آباءهم فوقع له من التكذيب بعد إظهار المعجزات الباهرات ما وقع لك (فَقالَ ،) أي : فذهب إلى فرعون فأمره بإرسالهم معه فأبى فأظهر له الآيات واحدة بعد أخرى فتسبب عن ذلك صدق ما
__________________
(١) أخرجه الترمذي في الاستئذان حديث ٢٧٣٣ ، والنسائي في التحريم حديث ٤٠٧٨.