أن يخطب حرة أن ينظر وجهها وكفيها ، وهي تنظر منه إذا أرادت أن تتزوج به ما عدا ما بين السرة والركبة ، وإن أراد أن يتزوج بأمة جاز أن ينظر منها ما عدا ما بين السرة والركبة ، ويحرم أن ينظر بشهوة ، ويحرم النظر بشهوة لكل منظور إليه إلا لمن أراد أن يتزوج بها وإلا حليلته ويباح النظر من الأجنبي لمعاملة وشهادة حتى يجوز النظر إلى الفرج للشهادة على الزنا والولادة ، وإلى الثدي للشهادة على الرضاع وتعليم ومداواة بقدر الحاجة.
وكل ما حرم نظره متصلا حرم نظره منفصلا كشعر عانة من رجل أو قلامة ظفر من أجنبية ، ويحرم اضطجاع رجلين أو امرأتين في ثوب واحد إذا كانا عاريين ، وإن كان كل منهما في جانب من الفراش للخبر المتقدم ، ويجب التفريق بين ابن عشر سنين وإخوته وأخواته في المضجع إذا كانا عاريين ، وتسن مصافحة الرجلين والمرأتين لخبر : «ما من مسلمين يلتقيان ويتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا» (١).
وتكره مصافحة من به عاهة كجذام أو برص ، والمعانقة والتقبيل في الرأس للنهي عن ذلك إلا لقادم من سفر أو تباعد عهد ، ويسن تقبيل الطفل ولو لغير أبويه شفقة ، ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح ، ويسن تقبيل يد الحي لصلاح أو علم أو زهد أو نحو ذلك ، ويكره لغني أو وجاهة أو نحو ذلك ، وقوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) يعم الإماء والعبيد ، فيحل نظر العبد العفيف غير المبعض والمشترك والمكاتب إلى سيدته العفيفة لما روى أبو داود : أنه صلىاللهعليهوسلم أتى فاطمة رضي الله تعالى عنها بعبد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رآها النبي صلىاللهعليهوسلم وما تلقى قال صلىاللهعليهوسلم : «إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك» (٢).
وعن عائشة أنها قالت لعبدها ذكوان : إنك إذا وضعتني في القبر وخرجت فأنت حر. وأما الفاسق والمبغض والمشترك والمكاتب فكالأجنبي بل قيل : إن المراد بالآية الإماء وعبدا وأمة كالأجنبي وبه قال ابن المسيب آخرا ، وقال : لا تغرنكم آية النور فإن المراد بها الإماء (أَوِ التَّابِعِينَ) أي : الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) أي : أصحاب الحاجة إلى النساء (مِنَ الرِّجالِ) أي : ليس لهم همة إلى ذلك ولا حاجة لهم في النساء لأنهم بله لا يعرفون شيئا من أمرهن ، وقيل : هم شيوخ صلحاء إذا كانوا معهن غضوا أبصارهم ، وقيل : هم الممسوحون سواء كان حرا أم لا وهو ذاهب الذكر والأنثيين ، أما ذاهب الذكر فقط أو الأنثيين فقط فكالفحل ، وعن أبي حنيفة لا يحل إمساك الخصيان واستخدامهم وبيعهم وشراؤهم. قال الزمخشري : فإن قلت : روي : «أنه أهدي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خصي فقبله» (٣) قلت : لا يقبل فيما تعم به البلوى إلا حديث مكشوف وإن صح فلعله قبله ليعتقه أو لسبب من الأسباب ، انتهى. وعندنا يجوز جميع ذلك إذ لا مانع منه ، وقيل : المراد بأولي الإربة هو المخنث ، وقرأ ابن عامر وشعبة بنصب الراء على الاستثناء والحال ، والباقون بكسرها على الوصفية ، وقوله تعالى : (أَوِ الطِّفْلِ) بمعنى الأطفال وضع الواحد موضع الجمع لأنه يفيد الجنس ويبينه ما بعده ، وهو قوله تعالى :
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه في الأدب حديث ٣٧٠٣.
(٢) أخرجه أبو داود في اللباس حديث ٤١٠٦.
(٣) الحديث لم أجده بهذا اللفظ في كتب الحديث التي بين يدي.