فإن أبي ووالدتي وعرضي |
|
لعرض محمد منكم وقاء |
مع العلم لكل أحد أنه صلىاللهعليهوسلم خير خلق الله كلهم.
تنبيه : ذكر تعالى في الهدى كلمة على ، وفي الضلال كلمة في ، لأن المهتدي كأنه مرتفع مطلع فذكر بكلمة التعالي فكأنه مستعل على فرس جواد يركضه حيث شاء ، والضال منغمس في الظلمة غريق فيها فأتى بكلمة في فكأنه منغمس في ظلام مرتبك فيه لا يدري أين يتوجه قال البغوي : وقال بعضهم : أو بمعنى الواو والألف فيه صلة كأنه يقول : وإنا وإياكم لعلى هدى وفي ضلال مبين يعني : نحن على الهدى وأنتم في الضلال.
(قُلْ) أي : لهم (لا تُسْئَلُونَ) أي : من سائل ما (عَمَّا أَجْرَمْنا) أي : لا تؤاخذون به (وَلا نُسْئَلُ) أي : في وقت من الأوقات من سائل ما (عَمَّا تَعْمَلُونَ) أي : من الكفر والتكذيب وهذا أدخل في الإنصاف وأبلغ في التواضع حيث أسندوا الإجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين ، وقيل : المراد بالإجرام الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن ، وبالعمل الكفر والمعاصي العظام.
(قُلْ) أي : لهم (يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) أي : يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ) أي : يحكم (بَيْنَنا بِالْحَقِ) أي : الأمر الثابت الذي لا يقدر أحد منا ولا منكم على التخلف عنه وهو العدل والفضل من غير ظلم ولا ميل ، فيدخل المحقين الجنة والمبطلين النار (وَهُوَ الْفَتَّاحُ) أي : الحاكم الفاصل في القضايا المغلقة البليغ الفتح لما انغلق فلا يقدر أحد على فتحه (الْعَلِيمُ) أي : البليغ العلم بكل دقيق وجليل فلا تخفى عليه خافية.
(قُلْ) أي : لهم (أَرُونِيَ) أي : أعلموني (الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ) أي : بالله (شُرَكاءَ) أي : في العبادة هل يخلقون وهل يرزقون وقوله تعالى : (كَلَّا) أي : لا يخلقون ولا يرزقون ردع لهم عن مذهبهم بعد ما كسره بإبطال المقايسة كما قال إبراهيم عليهالسلام (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) [الأنبياء : ٦٧] بعدما حجهم وقد نبه على تفاحش غلطهم بقوله تعالى : (بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ) أي : الغالب على أمره الذي لا مثل له وكل شيء يحتاج إليه (الْحَكِيمُ) أي : المحكم لكل ما يفعله فلا يستطيع أحد نقض شيء منه فكيف يكون له شريك ، وأنتم ترون ما ترون له من هاتين الصفتين المنافيتين لذلك.
تنبيه : في هذا الضمير وهو «هو» قولان : أحدهما : أنه عائد إلى الله تعالى أي : ذلك الذي ألحقتم به شركاء هو الله والعزيز الحكيم صفتان. والثاني : أنه ضمير الأمر والشأن والله مبتدأ ، والعزيز الحكيم خبر إن والجملة خبر هو.
فإن قيل : ما معنى قوله (أَرُونِيَ) وكان يراهم ويعرفهم أجيب : بأنه أراد بذلك أن يريهم الخطأ العظيم في إلحاق الشركاء بالله تعالى وأن يقاس على أعينهم فيه وبين أصنامهم ليطلعهم على إحالة القياس إليه والإشراك به.
ولما بين تعالى مسألة التوحيد شرع في الرسالة بقوله سبحانه وتعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ) أي : بعظمتنا (إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) أي : إرسالا عاما شاملا لكل ما شمله إيجادنا فكأنه حال من الناس قدم للاهتمام ، وقول البيضاوي : ولا يجوز جعلها حالا من الناس أي : لأن تقديم حال المجرور عليه