هو الله وعلى أن الجلالة مبتدأ وما بعده الخبر.
(فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) أي : في العذاب وإنما أطلقه اكتفاء بالقرينة أو لأن الإحضار المطلق مخصوص بالشر عرفا وقوله تعالى : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) أي : المؤمنين مستثنى من فاعل فكذبوه ، وفيه دلالة على أن في قومه من لم يكذبه ، فلذلك استثنوا ولا يجوز أن يكونوا مستثنين من ضمير لمحضرون لفساد المعنى ؛ لأنه يلزم أن يكونوا مندرجين فيمن كذب لكنهم لم يحضروا لكونهم عباد الله المخلصين وهو بين الفساد لا يقال : هو مستثنى منه استثناء منقطعا ؛ لأنه يصير المعنى : لكن عباد الله المخلصين من غير هؤلاء لم يحضروا ، ولا حاجة إلى هذا إذ به يفسد نظم الكلام وتقدم الكلام على قراءة المخلصين في أول السورة.
(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) ثناء حسنا.
(سَلامٌ) أي : منا ، وقوله تعالى : (عَلى إِلْ ياسِينَ) قرأه نافع وابن عامر بفتح الهمزة ممدودة وكسر اللام وقطعها عن الياء كما رسمت أي : أهله والمراد به إلياس ، والباقون بكسر الهمزة وسكون اللام وهي مقطوعة عن الياء قيل : هو إلياس المتقدم ، وقيل : هو ومن آمن معه فجمعوا معه تغليبا كقولهم للمهلب وقومه : المهلبون ، وقيل : هو محمد صلىاللهعليهوسلم أو القرآن أو غيره من كتب الله تعالى ، قال البيضاوي : والكل لا يناسب نظم سائر القصص ولا قوله تعالى : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي : كما جزيناه. (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) إذ الظاهر أن الضمير لإلياس.
القصة الخامسة قصة لوط عليهالسلام المذكورة في قوله تعالى : (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ) أي : واذكر إذ (نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) أي : الباقين في العذاب. (ثُمَّ دَمَّرْنَا) أي : أهلكنا (الْآخَرِينَ) أي : كفار قومه.
(وَإِنَّكُمْ) يا أهل مكة (لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) أي : على منازلهم في متاجركم إلى الشام فإن سدوم في طريقه ، وقوله تعالى : (وَبِاللَّيْلِ) عطف على الحال قبلها أي : ملتبسين بالليل والمعنى : أن أولئك القوم كانوا يسافرون إلى الشام ، والمسافر في أكثر الأمر إنما يمشي في أول الليل وفي أول النهار فلهذا السبب عبر الله تعالى عن هذين الوقتين ثم قال تعالى : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي : أليس فيكم عقل يا أهل مكة فتنظروا ما حل بهم فتعتبروا؟
القصة السادسة : وهي آخر القصص ، قصة يونس عليهالسلام المذكورة في قوله تعالى : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وقوله تعالى : (إِذْ أَبَقَ) ظرف للمرسلين أي : هو من المرسلين حتى في هذه الحالة وأبق أي : هرب وأصله الهرب من السيد لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه حسن إطلاقه عليه. (إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أي : السفينة المملوءة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ووهب : كان يونس وعد قومه العذاب فتأخر عنهم فخرج كالمنشوز منهم فقصد البحر فركب السفينة ، فقال الملاحون : ههنا عبد آبق من سيده فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس ، فقال يونس : أنا الآبق فزج نفسه في البحر.
وروي في القصة : أنه لما وصل إلى البحر كانت معه امرأته وابنان له فجاء مركب وأراد أن يركب معهم فقدم امرأته ليركب بعدها فحال الموج بينه وبين المركب ومر المركب ، ثم جاءت موجة أخرى فأخذت ابنه الأكبر ، وجاء ذئب فأخذ ابنه الأصغر فبقي فريدا ، فجاءت مركب أخرى فركبها وقعد ناحية من القوم ، فلما جرت السفينة في البحر ركدت فقال الملاحون : إن فيكم عاصيا