وقوله : (نُزُلاً) : معناه تكرمة.
وقوله تعالى : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) يحتمل أن يريد : خير ممّا هؤلاء فيه ، من التقلّب والتنعّم ، ويحتمل أن يريد : خير ممّا هم فيه في الدّنيا ، وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوسلم : «الدّنيا سجن المؤمن / ، وجنّة الكافر» (١) قال القاضي ابن الطّيّب : هذا بالإضافة إلى ما يصير إليه كلّ واحد منهما في الآخرة ، وقيل : المعنى أنها سجن المؤمن ؛ لأنها موضع تعبه في الطاعة.
(وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٢٠٠)
وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ) ، قال جابر بن عبد الله وغيره : هذه الآية نزلت بسبب أصحمة النّجاشيّ سلطان الحبشة ، آمن بالله ، وبمحمّد ـ عليهالسلام ـ ، وأصحمة (٢) : تفسيره بالعربيّة :
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢٢٧٢) ، كتاب «الزهد» ، باب (١ / ٢٩٥٦) ، والترمذي (٤ / ٤٨٦) كتاب «الزهد» ، باب ما جاء أن الدنيا سجن المؤمن ، حديث (٢٣٢٤) ، وابن ماجة (٢ / ١٣٧٨) ، كتاب «الزهد» ، باب مثل الدنيا ، حديث (٤١١٣) ، وأحمد (٢ / ٣٢٣ ، ٣٨٩ ، ٤٨٥) ، وفي «الزهد» (ص ٣٧) ، وابن حبان (٦٨٧ ، ٦٨٨) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٦ / ٣٥٠) ، وابن أبي عاصم في «الزهد» (١٤٢) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٣٢٥ ـ بتحقيقنا) كلهم من طريق العلاء بن عبد الرّحمن عن أبيه عن أبي هريرة.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وللحديث شواهد من حديث ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وسلمان :
حديث ابن عمر :
أخرجه البزار (٣٦٥٤ ـ كشف) ، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢ / ٣٤٠) ، وابن أبي عاصم في «الزهد» رقم (١٤٣) ، والبيهقي في «الزهد الكبير» (٤٤٩ ، ٤٥٨) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٦ / ٤٠١) عن ابن عمر : والحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» (١٠ / ٢٩٢) وقال : رواه البزار بسندين أحدهما ضعيف ، والآخر فيه جماعة لم أعرفهم.
حديث عبد الله بن عمرو :
أخرجه أحمد (٥ / ٦٨) ، وابن أبي عاصم في «الزهد» رقم (١٤٤) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ١٧٧ ، ١٨٥) ، وابن المبارك في «الزهد» (٥٩٨) ، والحاكم (٤ / ٣١٥) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٣٢٦ ـ بتحقيقنا)
(٢) أخرجه الطبري (٣ / ٥٥٩) برقم (٨٣٧٦) ، وعبد الرزاق في «تفسيره» (١ / ١٤٤) عن قتادة ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٤٤٤) ، والبغوي في «تفسيره» (١ / ٣٨٨) عن ابن عباس ، وجابر ، وأنس ، وقتادة ، وذكره ابن عطية (١ / ٥٥٩) ، وذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ٢٠٠) عن جابر وغيره.